الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله: ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون  وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين  وما تسألهم عليه من أجر إن هو إلا ذكر للعالمين  وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون  وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم [ ص: 637 ] مشركون  أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله أو تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون  

                                                                                                                                                                                                                                      ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك أي: ذلك الذي قصصنا عليك من أمر يوسف وإخوته من الأخبار التي كانت غائبة عنك فأنزلته عليك دلالة على إثبات نبوتك وما كنت لديهم عند إخوة يوسف إذ أجمعوا أمرهم عزموا على أمرهم وهم يمكرون بيوسف.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: وما أكثر الناس الآية، قال ابن الأنباري: وإن قريشا واليهود سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصة يوسف وإخوته فشرحها شرحا وافيا وهو يؤمل أن يكون ذلك سببا لإسلامهم، فخالفوا ظنه، وحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فعزاه الله بقوله: وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين قال الزجاج: معناه: وما أكثر الناس بمؤمنين ولو حرصت على أن تهديهم لأنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء .

                                                                                                                                                                                                                                      وما تسألهم عليه من أجر على القرآن وتلاوته عليهم وهدايتك إياهم من مال يعطونك إن هو ما هو إلا ذكر للعالمين تذكرة لهم بما هو صلاحهم ونجاتهم من النار.

                                                                                                                                                                                                                                      وكأين من آية وكم من آية في السماوات والأرض تدلهم على توحيد الله من: أمر السماء وأنها بغير عمد، فيها أعظم البرهان على أن لها خالقا، وكذلك فيما يشاهد في الأرض من جبالها ونباتها وبحارها يمرون عليها يتجاوزونها غير مفكرين ولا معتبرين بها، ولما سمع المشركون هذا قالوا: إنا نؤمن بالله الذي خلق هذه الأشياء، فأنزل الله وما يؤمن أكثرهم بالله أي: إقرار بأن الله خلقه وخلق السماوات والأرض إلا وهو مشرك بعبادة الوثن، والمعنى: أنهم كانوا يعترفون بأن الله خالقهم ورازقهم، ويجعلون له شركاء من الأصنام، وهو قوله: إلا وهم مشركون ليس يراد بقوله: وما يؤمن أكثرهم حقيقة الإيمان ولكن المعنى: أن أكثرهم مع إظهارهم الإيمان بألسنتهم مشركون، ثم خوفهم فقال: أفأمنوا يعني المشركين أن تأتيهم غاشية من عذاب الله عقوبة تغشاهم وتتسلط عليهم أو تأتيهم الساعة القيامة بغتة فجأة، يقال: بغتهم الأمر بغتا وبغتة.

                                                                                                                                                                                                                                      إذا فاجأهم وهم لا يشعرون بإتيانها.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية