المر تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشي الليل النهار إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون
بسم الله الرحمن الرحيم.
المر قال : أنا الله أعلم وأرى. ابن عباس
وقال في رواية : أنا الله الملك الرحمن. عطاء
تلك آيات الكتاب يجوز أن يكون تلك إشارة إلى ما مضى من ذكر الأخبار والقصص التي أنزلت، ويجوز أن يكون تلك بمعنى هذه، ويراد بالكتاب القرآن، وقوله: والذي أنزل إليك من ربك الحق قال : الذي رفع بالاستئناف، وخبره الحق، الفراء ولكن أكثر الناس لا يؤمنون قال : يريد ابن عباس أهل مكة .
قال : لما ذكر أنهم لا يؤمنون، عرف الدليل الذي يوجب التصديق بالخالق. الزجاج
فقال: الله الذي رفع السماوات بغير عمد وهي الأساطين، جمع عماد، ترونها كذلك مرفوعة بلا عمد، قال : هي قائمات بغير عمد. مقاتل
وقال : يعني ليس من دونها دعامة، ولا فوقها علامة. الضحاك
وهو قول ، وقوله: قتادة ثم استوى على العرش ثم أقبل على بالاستيلاء والاقتدار ونفوذ السلطان، وأصل [ ص: 4 ] الاستواء التدبير، كما أن أصل القيام الانتصاب، ثم يقال: قائم بالتدبير، والمعنى ثم استوى على العرش بالتدبير للأجسام التي خلقها، وثم تدل على حدوث التدبير، خلق العرش وسخر الشمس والقمر ذللهما لما يراد منهما كل يجري لأجل مسمى إلى وقت معلوم، وهو فناء الدنيا، يدبر الأمر يصرفه بحكمته، يفصل الآيات يبين الآيات التي تدل على قدرته على البعث، لعلكم بلقاء ربكم توقنون قال : لكي توقنوا بالبعث، وتتعلموا أنه لا إله غيري. ابن عباس
وهو الذي مد الأرض قال : بسطها طولا وعرضا. الفراء
وجعل فيها رواسي جبالا ثوابت، قال : أوتدها بالجبال. ابن عباس
ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين لونين: حلوا، وحامضا.
يغشي الليل النهار ذكرناه في سورة الأعراف، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون أعلم الله أن ما ذكر من هذه الأشياء فيه برهان وعلامات لمن تفكر في قدرة الله، ثم زاد، فقال: وفي الأرض قطع متجاورات أي: متدانية متقاربة، وجنات من أعناب وزرع ونخيل يعني بساتين فيها نخيل وكروم، ومن قرأ وزرع ونخيل -بالضم- حملها على قوله: وفي الأرض، ولم يحملها على الجنات، وقوله: صنوان وغير صنوان من صفة النخيل، قال : الصنوان جمع صنو، وهو أن يكون الأصل واحدا ثم يتفرع، فيصير نخيلا ثم يحملن. أبو عبيدة
وهذا قول جميع أهل اللغة والتفسير، قال : صنوان ما كان من نخلتين، أو ثلاث أو أكثر، أصلهن واحد، وغير صنوان: يريد المتفرق الذي لا يجمعه أصل واحد. ابن عباس
أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى ، أنا أبو عمر بن مطر ، أنا ، أنا أبو خليفة الوليد ، والحوضي ، ومحمد بن كثير ، قالوا:، نا ، أنا شعبة أبو إسحاق ، قال: سمعت ، يقول في هذه الآية: الصنوان: النخلة يكون حولها النخلات ، وغير صنوان: النخل المتفرق وروى القواس، عن البراء بن عازب حفص صنوان بضم الصاد جعله مثل [ ص: 5 ] ذوب وذوبان، وربما تعاقب فعلان وفعلان على البناء الواحد نحو حش وحشان وحشان.
وقوله: تسقى بماء واحد أي: تسقى هذه الأشياء الذي ذكرها من القطع المتجاورات، والجنات، والنخيل المختلفة، ومن قرأ يسقى بالياء كان التقدير يسقى ما قصصناه وما ذكرناه.
قال : يريد البئر واحدة، والشرب واحد، والجنس واحد. ابن عباس
ونفضل بعضها على بعض في الأكل يعني اختلاف الطعم الحلو والحامض، يخبر بعجائبه وقدرته في خلقه، قال : يعني أن القطع المتجاورة تنبت نباتا مختلفا، منه الحلو والحامض، وشربها واحد، ومكانها مجتمع، وفي هذا أوضح آية على نفاذ قدرة الله، والأكل الثمر الذي يؤكل. ابن الأنباري
وقوله: إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون قال : يريد أهل الإيمان، وهم أهل العقل الذين لم يجعلوا لله ندا. ابن عباس