هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال
قوله: هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا قال : خوفا للمسافر، وطمعا للمقيم. قتادة
قال : الخوف للمسافر لما يتأذى به من المطر، والطمع للحاضر لأنه إذا رأى البرق طمع في المطر الذي هو سبب الخصب. الزجاج
وينشئ يخلق، السحاب الثقال بالماء.
ويسبح الرعد بحمده : سألت اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: أخبرنا عن الرعد ما هو؟ فقال: "الرعد ملك من ملائكة الله عز وجل، موكل بالسحاب، معه مخاريق، يسوق بها السحاب حيث يشاء الله" . ابن عباس
قالوا: فما الصوت الذي يسمع؟ قال: "زجره بالسحاب إذا زجر حتى ينتهي إلى حيث ما أمر" . قال
وقال : الرعد صوت ملك يسبح. مجاهد
وكان جالسا يحدث أصحابه، فسمع صوت الرعد، فترك الحديث، وقال: سبحان من سبحت له، وقال: إن هذا وعيد لأهل الأرض شديد. عبد الله بن الزبير
وروى ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أبو هريرة . " إن ربكم تبارك وتعالى يقول: لو أن عبادي أطاعوني لأسقيتهم المطر بالليل، وأطلعت عليهم الشمس [ ص: 10 ] بالنهار، ولم أسمعهم صوت الرعد"
وقوله: والملائكة من خيفته يعني ويسبح الملائكة من خيفة الله وخشيته، قال : إنهم خائفون من الله وليس كخوف ابن ابن عباس آدم ، لا يعرف أحدهم من على يمينه ومن على يساره، لا يشغله عن عبادة الله طعام ولا شراب ولا شيء.
وقوله: ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء قال المفسرون: نزلت في أربد ، وعامر بن الطفيل ، أتيا النبي صلى الله عليه وسلم يخاصمانه ويريدان الفتك به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم اكفنيهما بما شئت" .
فأرسل الله عز وجل صاعقة على أربد في يوم صائف صاح فأحرقته، وولى عامر هاربا.
وقوله: وهم يجادلون في الله قال : يكذبون بعظمة الله. ابن عباس
وهو شديد المحال قال ، مجاهد : المحال القوة. والسدي
أي: شديد القوة.
وقال : يقال: ماحلته محالا إذا قاويته حتى يتبين أيكما أشد، والمحل في اللغة الشدة. الزجاج
قوله: له دعوة الحق المراد بدعوة الحق هاهنا كلمة التوحيد والإخلاص، والمعنى: لله من خلقه الدعوة الحق، وأضيفت الدعوة إلى الحق لاختلاف اللفظين.
أخبرنا الأستاذ أبو منصور البغدادي ، أنا أبو الحسن السراج ، نا ، نا محمد بن عبد الله الحضرمي محمد بن عبد الله بن نصير ، نا ، عن يحيى بن اليمان سفيان ، عن ، عن سلمة بن كهيل عباية بن ربعي ، عن علي : له دعوة الحق، [ ص: 11 ] قال: لا إله إلا الله، وهذا قول ، ابن عباس ، وقال وقتادة : الله الحق، فمن دعاه دعا الحق وقوله: الحسن والذين يدعون من دونه يعني الأصنام يدعونها المشركون من دون الله، لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه قال : إلا كما يستجاب للذي يبسط كفيه إلى الماء يدعو الماء إلى فيه، والماء لا يستجيب. الزجاج
أعلم الله أن دعاءهم الأصنام كدعاء العطشان الماء إلى بلوغ فمه، وما هو ببالغه وما الماء ببالغ فاه بدعوته إياه، قال : كماد يده إلى الماء من مكان بعيد، فلا يبلغه، ولا يبلغ الماء فاه. الكلبي
وقال : كالرجل العطشان الجالس على شفير البئر، يمد يده إلى البئر فلا يبلغ قعر البئر، والماء لا يرتفع إلى يده. عطاء
قوله: وما دعاء الكافرين قال : يريد عبادة الكافرين الأصنام. ابن عباس
إلا في ضلال بطلان وزوال.
قوله: ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا يعني الملائكة والمؤمنين، وكرها يعني من أكره على السجود من الكافرين والمنافقين، هذا قول المفسرين.
وقال أهل المعاني: سجود الكاره تذلله وانقياده لما يريده الله منه من عاقبة ومرض، وغنى وفقر، وحياة وموت، فالكافر في حكم الساجد لله من هذا الوجه.
ومعنى السجود في اللغة التذلل والخضوع، وهذا كقوله: وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها ، وقوله: وظلالهم بالغدو والآصال قال المفسرون: كل شخص مؤمن أو كافر، فإن ظله يسجد لله تعالى.
قال : ظل المؤمن يسجد طوعا وهو طائع، وظل الكافر يسجد طوعا وهو كاره. مجاهد
وقال أهل المعاني: سجود الظلال تمايلها من جانب إلى جانب، وانقيادها للتسخير بالطول والقصر.