أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع
قوله: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى قال : نزلت في ابن عباس ، حمزة وأبي جهل .
يعني: أن أبا جهل أعمى القلب، لا يهتدي إلى طريق الرشد، إنما يتذكر يتعظ ويتذكر ما رغب فيه من الجنة، أولو الألباب قال : يريد ابن عباس المهاجرين والأنصار .
ثم وصفهم، فقال: الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق قال: يريد الذين عاهدهم عليه في صلب آدم .
والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل يعني: الأرحام، وقال : يعني ابن عباس . الإيمان بجميع الرسل
وهو أن يصل بينهم بالإيمان بالجميع، كما أخبر عن المؤمنين في قولهم: لا نفرق بين أحد من رسله [ ص: 14 ] والذين صبروا أي: على دينهم، وما أمروا به من الطاعة، ابتغاء وجه ربهم طلب تعظيم الله، وقوله: ويدرءون بالحسنة السيئة قال : يدفعون بالعمل الصالح الشر من العمل. ابن عباس
كما روي أن لمعاذ بن جبل : "إذا عملت سيئة فاعمل بجانبها حسنة تمحها" . النبي صلى الله عليه وسلم، قال
وقال ابن كيسان : هو أنهم كلما أذنبوا تابوا، ليدفعوا بالتوبة معرة الذنب.
أولئك لهم عقبى الدار قال : يريد عقابهم الجنة. ابن عباس
أي: تصير الجنة لهم آخر أمرهم، ثم بين ذلك، فقال: جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم قال : ومن صدق بما صدقوا به. ابن عباس
وقال : ومن آمن منهم، وذلك أن الله تعالى جعل من ثواب المطيع سروره بما يراه في أهله من إلحاقهم به في الجنة كرامة له كما قال: مجاهد ألحقنا بهم ذريتهم .
والملائكة يدخلون عليهم من كل باب قال : بالتحية من الله، والتحفة، والهدايا. ابن عباس
ويقولون: سلام عليكم بما صبرتم أي: سلمكم الله من أهوال القيامة وشرها بصبركم في الدنيا على طاعته، فنعم عقبى الدار ما أنتم فيه من الكرامة، أي: نعم عقبى الدار التي عملتم فيها ما أعقبكم هذه الكرامة.
قوله والذين ينقضون عهد الله مفسر إلى آخر الآية فيما سبق.
الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر يضيق ويقتر، كقوله: ومن قدر عليه رزقه ، وفرحوا بالحياة الدنيا قال : يريد مشركي ابن عباس مكة فرحوا بما نالوا من الدنيا، فطغوا وكذبوا الرسول.
وما الحياة الدنيا في الآخرة أي: بالقياس إليها، إلا متاع أي: قليل ذاهب، كالشيء الذي يتمتع به ثم يفنى.