الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ثم خاطب المشركين الذين زعموا أن الملائكة بنات الله  منكرا عليهم، فقال: أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا إنكم لتقولون قولا عظيما  ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا وما يزيدهم إلا نفورا  قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا  سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا  تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا  

                                                                                                                                                                                                                                      أفأصفاكم ربكم بالبنين يقال: أصفاه بالشيء إذا آثره به.

                                                                                                                                                                                                                                      قال أبو عبيدة : أفأصفاكم خصكم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال المفضل : أخلصكم.

                                                                                                                                                                                                                                      وهذا توبيخ للكفار، يقال: اختار لكم ربكم البنين دونه، وجعل البنات مشتركة بينه وبينكم، فاختصكم بالأجل، وجعل لنفسه الأدون؟ إنكم لتقولون بهذا الزعم الباطل، قولا عظيما يعظم خطؤه وإثمه.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: ولقد صرفنا في هذا القرآن أي: صرفنا ضروب القول فيه من الأمثال وغيرها مما يوجب الاعتبار به، ومعنى التصريف هاهنا التبيين; لأنه إنما يصرف القول ليبين، وقوله: ليذكروا ليتعظوا، ويتدبروه بعقولهم، ويتفكروا فيه، وقراءة حمزة بالتخفيف بهذا المعنى كقوله: خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه وقوله: وما يزيدهم إلا نفورا قال ابن عباس : ينفرون من الحق، ويتعبون الباطل.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 109 ] والمعنى: وما يزيدهم تصريف الآيات إلا نفورا، كقوله: فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا وذلك أنهم اعتقدوا أن القرآن شبه وحيل، فنفروا منها أشد النفور.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: قل لو كان معه آلهة كما يقولون وقرأ ابن كثير بالياء على معنى كما يقول المشركون من إثبات الآلهة، إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا إذا لابتغت الآلهة أن تزيل ملك صاحب العرش، والمعنى لابتغوا سبيلا إلى ممانعته ومضادته، وهذا قول الحسن ، والكلبي ، وسعيد بن جبير .

                                                                                                                                                                                                                                      ثم نزه نفسه، فقال: سبحانه وتعالى الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم ذكر أن كل ما خلق مسبح له، فقال: تسبح له السماوات السبع الآية، المراد بالتسبيح هاهنا الدلالة على أن الله عز وجل خالق حكيم مبرأ من الأسوإ، والمخلوقون والمخلوقات كلها تدل على أن الله خالقها، كما قال ابن عباس في قوله: وإن من شيء إلا يسبح بحمده أي: يخشع ويخضع.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: ولكن لا تفقهون تسبيحهم مخاطبة للكفار لأنهم لا يستدلون ولا يعتبرون.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية