الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله: [ ص: 117 ] ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله إنه كان بكم رحيما  وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا  أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا ثم لا تجدوا لكم وكيلا  أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفا من الريح فيغرقكم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا  

                                                                                                                                                                                                                                      ربكم الذي يزجي أي: يسوق ويسير حالا بعد حال، لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله في طلب التجارة، إنه كان بكم رحيما قال ابن عباس : يريد بأوليائه وأهل طاعته.

                                                                                                                                                                                                                                      وهذا الخطاب خاص للمؤمنين.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم خاطب المشركين، فقال: وإذا مسكم الضر يعني خوف الغرق، في البحر ضل من تدعون إلا إياه أي زال وبطل من تدعون من الآلهة إلا الله تعالى  ، قال ابن عباس : نسيتم اتخاذ الأنداد والشركاء وتركتموهم وأخلصتم لله، فلما نجاكم من الغرق والبحر، إلى البر أعرضتم عن الإيمان والإخلاص وكان الإنسان يعني الكافر، كفورا لنعمة ربه.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم بين أنه قادر أن يهلكهم في البر، فقال: أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أي: يغيبكم ويذهبكم في جانب البر، وهو الأرض، يقال: خسف به الأرض، أي: غاب به فيها، أخبر الله تعالى أنه كما قدر أن يغيبهم في الماء قادر أن يغيبهم في الأرض، وقوله: أو يرسل عليكم حاصبا عذابا يحصبكم، أي: يرميكم بالحجارة، والحصب الرمي، ويقال للريح التي تحمل التراب والحصاء: حاصب.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم لا تجدوا لكم وكيلا قال قتادة : مانعا ولا ناصرا.

                                                                                                                                                                                                                                      أم أمنتم أن يعيدكم فيه في البحر، تارة مرة أخرى، فيرسل عليكم قاصفا كاسرا، من الريح والقصف الكسر بشدة، وأراد هاهنا ريحا شديدة تقصف الفلك، وهو قوله: فيغرقكم بما كفرتم بكفركم، حيث سلمتم ونجوتم في المرة الأولى، ويقرأ قوله: أن يخسف وأخواته من الأفعال بالياء والنون، والمعنى واحد، وكل حسن، وتؤكد النون قوله: ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا قال الزجاج : لا تجدوا من يتبعنا بإنكار ما نزل بكم.

                                                                                                                                                                                                                                      وهذا معنى قول المفسرين: لا برا ولا ناصرا، وتبع بمعنى تابع.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية