قوله: [ ص: 124 ] وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر كان يئوسا قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا
وإذا أنعمنا على الإنسان قال : يريد ابن عباس ، الوليد بن المغيرة . أعرض عن الدعاء والابتهال الذي كان يفعله في حال البلوى والمحنة
ونأى بجانبه، وتعظم، وتكبر، وبعد نفسه عن القائم بحقوق النعم، ونأى معناه بعد، ونأى بالشيء معناه أبعده، وقرأ ابن عامر وناء مثل ناع، وهذا على القلب مثل رأى وراء، وقرأ نأى بإمالة الفتحتين، أمال فتحة الهمزة لأن الألف منقلبة عن الياء التي في النأي، أراد أن ينحو نحوها، وأمال فتحة النون لإمالة فتحة الهمزة، وقوله: حمزة وإذا مسه الشر كان يئوسا قال : إذا أصابه مرض أو فقر يئس من رحمة الله. ابن عباس
وهذا من صفة الجاهل بالله، وذم له بأنه لا يثق بتفضل الله على عباده.
قوله: قل كل يعمل على شاكلته قال الليث : الشاكلة من الأمور ما يوافق فاعله.
والمعنى أن كل أحد يعمل على طريقته التي تشاكل أخلاقه، فالكافر يعمل ما يشبه طريقته من الإعراض عند الإنعام واليأس عند الشدة، والمؤمن يفعل ما يشبه طريقته من الشكر عند الرخاء والصبر عند البلاء، يدل على هذا قوله: فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا أي: بالمؤمن الذي لا يعرض عند النعمة، ولا ييئس عند المحنة.