الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله: ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا  وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا  ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا  

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 152 ] ويوم أي: واذكر يوم تسير الجبال من وجه الأرض كما يسير السحاب في الدنيا، ثم يكسر، فيعود في الأرض، كما قال: وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا وقرئ نسير الجبال على بناء الفعل للفاعل، وهذه القراءة أشبه بما بعده من قوله: وحشرناهم فلم نغادر ، وقوله: وترى الأرض بارزة أي: ظاهرة ليس عليها شيء من جبل أو بناء أو شجر، وحشرناهم يعني المؤمنين والكافرين، فلم نغادر لم نترك ولم نخلف، منهم أحدا وعرضوا على ربك يعني المحشورين، صفا مصفوفين، كل زمرة وأمة صف، لقد جئتمونا أي: فيقال لهم: لقد جئتمونا، كما خلقناكم أول مرة قال ابن عباس : حفاة عراة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الزجاج : أي بعثناكم وأعدناكم ثانيا كما خلقناكم; لأن قوله: لقد جئتمونا معناه بعثناكم.

                                                                                                                                                                                                                                      بل زعمتم خطاب لمنكري البعث خاص، معناه: بل زعمتم في الدنيا، ألن نجعل لكم موعدا للبعث والجزاء.

                                                                                                                                                                                                                                      ووضع الكتاب يعني كتاب أعمال الخلق، والكتاب اسم الجنس فيعم، والمعنى: وضع كتاب كل امرئ في يمينه أو شماله، فترى المجرمين يريد المشركين، مشفقين خائفين، مما فيه من الأعمال السيئة، ويقولون يا ويلتنا لوقوعهم في الهلكة، يدعون بالويل على أنفسهم، مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة قال ابن عباس في رواية عكرمة : الصغيرة التبسم، والكبيرة الضحك.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال سعيد بن جبير : الصغيرة اللحم، والكبيرة الزنا.

                                                                                                                                                                                                                                      إلا أحصاها عدها وأثبتها وكتبها، ووجدوا ما عملوا حاضرا مكتوبا مثبتا ذكره في الكتاب، ولا يظلم ربك أحدا لا يعاقبه بغير جرم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية