فقال أبوه مجيبا له: قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا
قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم أتاركها أنت، وتارك عبادتها، لئن لم تنته عن شتمها وعيبها، لأرجمنك لأرمينك بالقول القبيح، وأشتمنك، واهجرني مليا تباعد عني مليا حينا وزمانا طويلا، والملي من الدهر حين طويل، يقال: أقام بموضع كذا مليا، أي: حينا وزمانا طويلا.
قال إبراهيم لأبيه: سلام عليك أي: سلمت مني لا أصيبك بمكروه، وذلك أنه لم يؤمر بقتاله على كفره، سأستغفر لك ربي وذلك أنه ، ويغفر له، والمعنى: سأسأل لك التوبة تنال بها مغفرته، لما أعياه أمره وعده أن يراجع الله في أبيه، فيسأله أن يرزقه التوحيد إنه كان بي حفيا بارا لطيفا، يقال: حفى به حفوة إذا بره وألطفه.
وأعتزلكم أتنحى عنكم وأفارقكم، وما تدعون من دون الله وأعتزل ما تعبدون من دون [ ص: 186 ] الله يعني الأصنام، وأدعو ربي أعبده، عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا أرجو لا أشقى بعبادته، يعني: كما شقيتم أنتم بعبادة الأصنام لأنها لا تنفعهم ولا تجيب دعاءهم.