الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا  رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا  

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: وما نتنزل إلا بأمر ربك .

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ ، أنا أبو بكر محمد بن علي القفال ، أنا إسحاق بن محمد بن إسحاق الرسعني ، نا جدي، نا المغيرة ، نا عمر بن ذر ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: يا جبريل ، ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا، فنزل: وما نتنزل إلا بأمر ربك الآية كلها، قال: وكان هذا جوابا لمحمد ، صلى الله عليه وسلم ، رواه البخاري ، عن أبي نعيم ، عن عمر بن ذر ، قال المفسرون: استبطأ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، جبريل ، ثم جاءه فقال له: يا جبريل ، إني كنت لمشتاقا إليك، قال: وأنا، والله يا محمد ، قد كنت إليك مشتاقا، ولكني عبد مأمور، إذا بعثت نزلت ونزلت هذه الآية وقوله: له ما بين أيدينا أي: من أمر الآخرة والثواب والعقاب، وما خلفنا ما مضى من الدنيا، وما بين ذلك ما يكون هذا الوقت إلى يوم القيامة، وهذا قول سعيد بن جبير ، وقتادة ، ومقاتل ، واختيار الزجاج .

                                                                                                                                                                                                                                      وما كان ربك نسيا قال ابن عباس : تاركا لك منذ أبطأ عنك الوحي.

                                                                                                                                                                                                                                      والنسي بمعنى الناسي، وهو التارك.

                                                                                                                                                                                                                                      رب السماوات والأرض مالكها، وما بينهما ومالك ما بينها، فاعبده وحده; لأن عبادته بالشرك كلا عبادة، واصطبر لعبادته اصبر على أمره ونهيه، هل تعلم له سميا قال ابن عباس في رواية الوالبي : هل تعلم للرب مثلا أو شبها؟ وهو قول مجاهد ، وسعيد بن جبير ، وقتادة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال في رواية عكرمة : هل تعلم أحدا اسمه الرحمن غيره؟ وقال في رواية عطاء : هل تعلم أحدا يسمى الله غيره؟ وقال الزجاج : تأويله، والله أعلم، هل تعلم له سميا يستحق أن يقال له خالق وقادر وعالم بما كان وبما يكون؟ وعلى هذا لا سمي لله في جميع أسمائه; لأن غيره، وإن سمي بشيء من أسمائه، فلله حقيقة ذلك الوصف.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 190 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية