الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين  إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون  قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين  قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين  قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين  قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين  

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولقد آتينا إبراهيم رشده أي هداه، من قبل أي: من قبل بلوغه، والمعنى: آتيناه هذا صغيرا حين كان في السرب حتى عرف الحق من الباطل، وكنا به عالمين علمنا أنه موضع لإيتاء الرشد، وأنه يصلح للنبوة.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم بين متى أتاه، فقال: إذ قال لأبيه وقومه أي: في ذلك الوقت الذي قال لهم وهم يعبدون الصنم، ما هذه التماثيل التي يعني الأصنام، والتمثال اسم للشيء المصنوع مشبها بخلق من خلق الله، وأصله من مثلت الشيء بالشيء إذا شبهته به، واسم ذلك الممثل تمثال، وجمعه تماثيل، وقوله: أنتم لها عاكفون أي: على عبادتها مقيمون، فأجابوه بأنهم وجدوا آباءهم يعبدونها، فاقتدوا بهم على طريق التقليد في عبادتها، فأجابهم إبراهيم بأنهم فيما فعلوه وآباؤهم كانوا في ضلال مبين بعبادة الأصنام، وهذا الذي ذكرنا معنى قوله: قالوا وجدنا آباءنا إلى قوله: أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين يعنون أجاد أنت فيما تقول حق أم لاعب مازح؟ وهذا جهل منهم، تخيلوا المحق لاعبا، فأجابهم إبراهيم بما يزيل تخيلهم ويدلهم على أن المستحق للعبادة هو الله، لا الصنم.

                                                                                                                                                                                                                                      وهو قوله: قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم أي: على أنه رب السماوات والأرض، من الشاهدين .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية