يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون
قوله: يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة قال مقاتل: وبالصلوات الخمس في مواقيتها على تمحيص الذنوب. استعينوا على طلب الآخرة بالصبر [ ص: 236 ] على الفرائض،
إن الله مع الصابرين قال عن عطاء، يقول: إني معكم، أنصركم ولا أخذلكم. ابن عباس:
وقال تأويله: أن يظهر دينهم على سائر الأديان ؛ لأن من كان الله معه فهو الغالب. الزجاج:
قوله: ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات : كان الناس يقولون لمن يقتل في سبيل الله: مات فلان وذهب عنه نعيم الدنيا ولذتها.
فأنزل الله تعالى هذه الآية، وقوله: بل أحياء ذكر المفسرون في ما روي حياة الشهداء في سبيل الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تسرح في ثمار الجنة وتشرب من أنهارها، وتأوي بالليل إلى قناديل من نور معلقة بالعرش".
وقوله: ولكن لا تشعرون أي: ما هم فيه من الكرامة والنعيم.
قوله: ولنبلونكم "النون" فيه للتأكيد، و "اللام" جواب قسم محذوف على تقدير: والله لنبلونكم، والمعنى: لنعاملنكم معاملة المبتلى ؛ لأن الله تعالى يعلم عواقب الأمور، فلا يحتاج إلى الابتلاء ليعلم العاقبة، ولكنه يعاملهم معاملة من يبتلى، فمن صبر أثابه على صبره، ومن لم يصبر لم يستحق الثواب.
وقوله: بشيء من الخوف قال يعني: خوف العدو. ابن عباس:
والجوع يعني: المجاعة والقحط، ونقص من الأموال يعني: الخسران والنقصان في المال وهلاك المواشي، والأنفس يعني: بالموت والقتل والمرض والشيب، والثمرات يعني الجوائح، وأن لا تخرج الثمرة كما كانت تخرج، ثم ختم الآية بتبشير الصابرين ليدل على أن من صبر على هذه المصائب كان على وعد الثواب من الله تعالى فقال: وبشر الصابرين .
ثم نعتهم فقال: [ ص: 237 ] الذين إذا أصابتهم مصيبة أي: نالتهم نكبة مما ذكر، ولا يقال فيما يصيب بخير: مصيبة.
قالوا إنا لله أي: نحن وأموالنا لله، يصنع بنا ما يشاء، وإنا إليه راجعون إقرار بالفناء والهلاك.
الرجوع إلى انفراده بالحكم، إذ قد ملك في الدنيا الأحكام، فإذا زال حكم العباد رجع الأمر إلى الله. ومعنى الرجوع إلى الله تعالى:
أخبرنا حدثنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي، محمد بن يعقوب بن يوسف، حدثنا حدثنا بحر بن نصر، ابن وهب، أخبرني يونس، عن أبي شهاب، عن عروة، رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عائشة "ما من مصيبة يصاب بها العبد المؤمن إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها" رواه عن عن مسلم، أبي الطاهر، عن ابن وهب.
أخبرنا الأستاذ أبو منصور البغدادي، أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسن السراج، حدثنا حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، [ ص: 238 ] حدثنا يحيى بن عبد الحميد، أبو بردة الكندي، عن علقمة بن مرثد، عن عن أبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن سابط، "من أصيب بمصيبة فليذكر مصيبته بي، فإنها أعظم المصائب".
أخبرنا أبو الحسن بن أبي القاسم العمراني، أخبرنا أبو علي بن أبي بكر الفقيه، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الفارسي، حدثنا أبو محمد عبد الله بن الحسين بن جابر المصيصي، حدثنا حدثنا محمد بن يزيد بن سنان، ياسين بن معاذ، عن عن محارب بن دثار، أبي صالح، عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب عبدا مصيبة إلا بإحدى خلتين، إما بذنب لم يكن الله ليغفر إلا بتلك المصيبة، أو بدرجة لم يكن الله ليبلغه إياها إلا بتلك المصيبة" [ ص: 239 ] وقال : لقد أعطيت هذه الآية عند المصيبة ما لم يعطه الأنبياء قبلهم سعيد بن جبير إنا لله وإنا إليه راجعون ، ولو أعطيه الأنبياء لأعطيه يعقوب، إذ يقول: يا أسفى على يوسف .
أخبرنا سعيد بن محمد العدل، أخبرنا أبو علي بن أبي موسى، أخبرنا جعفر بن محمد بن المغلس، حدثنا حدثني أبو سعيد الأشج، حدثنا عقبة بن خالد، حدثنا سعد بن سعيد، عن عمر بن كثير بن أفلح، سفينة، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " أم سلمة إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها آجره الله وأخلف له خيرا منها " قالت من قال عند مصيبته فلما هلك أم سلمة: أبو سلمة قلت: من خير لي من أبي سلمة؟ ثم عزم الله لي فقلتها، فأخلفني رسول الله صلى الله عليه وسلم. عن
رواه عن مسلم، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن أبي أسامة، [ ص: 240 ] أخبرنا سعد بن سعيد القاضي أبو بكر الحيري، أخبرنا حدثنا الحسن بن محمد بن إسحاق، محمد بن زكريا الغلابي، حدثنا العباس بن بكار، حدثنا عن أبو بكر الهذلي، أن الشعبي: شريحا قال: إني لأصاب بالمصيبة فأحمد الله عليها أربع مرات، أحمد إذ لم تكن أعظم منها، وأحمد إذ رزقني الصبر عليها، وأحمد إذ وفقني للاسترجاع لما أرجو فيه من الثواب، وأحمد إذ لم يجعلها في ديني.