يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون فذرهم في غمرتهم حتى حين أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون
قوله: يا أيها الرسل قال الحسن، ومجاهد، وقتادة، والسدي، والكلبي، يعني ومقاتل: محمدا صلى الله عليه وسلم وحده، على مذهب العرب في مخاطبة الواحد مخاطبة الجمع، ويتضمن هذا أن الرسل جميعا كذي أمروا.
قوله: كلوا من الطيبات قال من الحلال. ابن عباس:
وقال أمرهم ألا يأكلوا إلا حلالا طيبا. الضحاك:
وقال أما والله ما عنى به أصفركم ولا [ ص: 292 ] أحمركم، ولا حلوكم ولا حامضكم، ولكنه قال انتهوا إلى الحلال منه. الحسن:
واعملوا صالحا أي: بما أمركم الله به، وأطيعوه في أمره ونهيه، إني بما تعملون عليم لا يخفى علي شيء من أعمالكم.
وإن هذه أمتكم إن في قراءة من قرأ بفتح الألف معطوفة على الجار في قول الخليل وسيبويه: التقدير ولأن هذه أمتكم.
أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون أي: اتقون لهذا، ومن قرأ بالتخفيف فإن هي المخففة من المشددة، كقوله: وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ومن كسر مع التشديد فهو على الاستئناف، ومعنى الآية قال يقول: هذه التي أنتم عليها ملة الإسلام، ملة واحدة عليها الأنبياء والمؤمنون الذين نجوا من العذاب. مقاتل:
والمعنى: أنتم أهل ملة واحدة ودعوة واحدة، فلا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا.
وهو قوله: فتقطعوا أمرهم بينهم والكلام في الاثنين قد تقدم، وقوله: زبرا قال فرقا وقطعا مختلفة. المبرد:
واحدها زبور، هو الفرقة والطائفة، ومثله الزبرة وجمعها زبر.
قال يعني مشركي العرب واليهود والنصارى، تفرقوا أحزابا. الكلبي:
كل حزب بما لديهم فرحون بما عندهم من الدين راضون، يرون أنهم على الحق، فذرهم في غمرتهم في حيرتهم وغفلتهم، وضلالتهم وجهالتهم، قال يعني كفار مقاتل: مكة.
وقوله: حتى حين قال يريد نزول العذاب بالسيف أو بالموت. ابن عباس:
أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين أي: أيحسبون أن ما يعطيهم الله في هذه الدنيا من الأموال والبنين، إنما يعطيهم ثوابا ومجازاة لهم، لا بل هو استدراج لهم من الله، وهو معنى قوله: نسارع لهم في الخيرات ومعنى نسارع نسرع، أي أيحسبون: أنا نتعجل في تقديم ثواب أعمالهم لرضانا عنهم حين بسطنا لهم الرزق وأكثرنا أولادهم، بل لا يشعرون لا يعلمون أن ذلك شر لهم.