الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ثم ذكر المؤمنين فقال: إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون  والذين هم بآيات ربهم يؤمنون  والذين هم بربهم لا يشركون  والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون  أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون  

                                                                                                                                                                                                                                      إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون الإشفاق الخوف، تقول: أنا مشفق من هذا الأمر، أي خائف.

                                                                                                                                                                                                                                      والمعنى أنهم لما هم عليه من خشية الله خائفون من عذابه.

                                                                                                                                                                                                                                      والذين هم بآيات ربهم يؤمنون قال ابن عباس: يصدقون بالقرآن أنه من [ ص: 293 ] عند الله.

                                                                                                                                                                                                                                      والذين هم بربهم لا يشركون لا يعبدون معه غيره.

                                                                                                                                                                                                                                      والذين يؤتون ما آتوا أي: يتصدقون ويعملون الأعمال الصالحة، وقلوبهم وجلة خائفة أن لا يقبل منهم، قال مجاهد: المؤمن ينفق ماله وقلبه وجل.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الحسن: المؤمن جمع إحسانا وشفقة، والمنافق جمع إساءة وأمنا.

                                                                                                                                                                                                                                      وإيتاء المال في هذه الآية عبارة عن الأعمال الصالحة، إذ هو الأفضل والأشق على النفس.

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا عمر بن أحمد بن عمر الزاهد، أنا عبد الله بن محمد الصوفي، أنا محمد بن أيوب، نا جرير، عن ليث، عن عمرة، عن عائشة قالت: سألت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن قوله: والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة الآية، فقال: يا ابنة الصديق، الذين يصومون وهم يفرقون أن لا يقبل منهم، ويصلون وهم يفرقون أن لا يقبل منهم، ويتصدقون وهم يفرقون أن لا يقبل منهم  أخبرنا أبو عبد الله بن أبي إسحاق، أنا أبو بكر القطيعي، نا إدريس بن عبد الكريم المقري، نا عاصم بن علي، نا أبو الأشهب العطاري، عن الحسن في قوله: والذين يؤتون ما آتوا قال: كان ما عملوا من أعمال البر يرون أن ذلك لا ينجيهم من عذاب الله.

                                                                                                                                                                                                                                      قال الزجاج: قلوبهم خائفة لأنهم إلى ربهم راجعون.

                                                                                                                                                                                                                                      قال صاحب النظم: فالوجل واقع على مضمر.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أنهم إلى ربهم سبب له، على تأويل وقلوبهم وجلة لا يقبل منهم لعلمهم أنهم إلى ربهم، راجعون أي: لأنهم يوقنون بأنهم يرجعون إلى الله، يخافون أن لا يقبل منهم.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: أولئك يسارعون في الخيرات يبادرون في الأعمال الصالحة، وهم لها أي إليها، سابقون قاله الفراء، والزجاج.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن عباس: ينافسون فيه أمثالهم من أهل البر والتقوى.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الكلبي: سبقوا الأمم إلى الخيرات.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية