الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا  يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا  وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا  أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا  

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 338 ] قوله: وقال الذين لا يرجون لقاءنا يخافون البعث، لولا هلا، أنزل علينا الملائكة فكانوا رسلا إلينا، أو نرى ربنا فيخبرنا أنك رسول، قال الله: لقد استكبروا في أنفسهم تكبروا حيث سألوا من الآيات ما لم تسأله آية، وعتوا عتوا كبيرا غلوا في القول غلوا شديدا حين قالوا: نرى ربنا.

                                                                                                                                                                                                                                      وإنما وصفوا بالعتو عند طلب الرؤية لأنهم طلبوها في الدنيا عنادا للحق وإباء على الله ورسوله في طاعتهما، والعتو مجاوزة القدر في الظلم.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم أعلم الله أن الموقف الذي يرون فيه الملائكة هو يوم القيامة، وأن الله حرمهم البشرى في ذلك اليوم، فقال: يوم يرون الملائكة يعني: يوم القيامة، لا بشرى يومئذ للمجرمين لا بشارة لهم في الجنة والثواب، قال الزجاج: والمجرمون في هذا الموضع الذين اجترموا الكفر بالله.

                                                                                                                                                                                                                                      ويقولون حجرا محجورا قال عطاء، عن ابن عباس: تقول الملائكة: حراما محرما أن يدخل الجنة إلا من قال لا إله إلا الله.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال مقاتل: إذا خرج الكفار من قبورهم قالت لهم الملائكة: حراما محرما عليكم أيها المجرمون أن تكون لكم البشرى كما يبشر المؤمنون.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: وقدمنا إلى ما عملوا من عمل أي: قصدنا وعمدنا، قال ابن عباس: لم يكن الله غائبا عن أعمالهم، ولكن يريد وعمدنا إلى أعمالهم التي عملوها في الدنيا، فجعلناه هباء منثورا قال ابن شميل: الهباء التراب الذي تطيره الريح كأنه دخان.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الزجاج: هو ما يدخل من الكوة مع ضوء الشمس، شبيه بالغبار.

                                                                                                                                                                                                                                      وهذا قول المفسرين، والمنثور المفرق، والمعنى: إن الله أحبط أعمالهم حتى صارت بمنزلة الهباء المنثور.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم ذكر فضل أهل الجنة على أهل النار فقال: أصحاب الجنة يومئذ يعني: يوم القيامة، خير مستقرا أفضل منزلا في الجنة، وأحسن مقيلا موضع قائلة، قال الأزهري: القيلولة عند العرب الاستراحة نصف النهار إذا اشتد الحر، وإن لم يكن مع ذلك نوم، والدليل على ذلك أن الجنة لا نوم فيها.

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن مسعود، وابن عباس: لا ينتصف النهار من يوم القيامة حتى يقيل أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية