وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا
[ ص: 338 ] قوله: وقال الذين لا يرجون لقاءنا يخافون البعث، لولا هلا، أنزل علينا الملائكة فكانوا رسلا إلينا، أو نرى ربنا فيخبرنا أنك رسول، قال الله: لقد استكبروا في أنفسهم تكبروا حيث سألوا من الآيات ما لم تسأله آية، وعتوا عتوا كبيرا غلوا في القول غلوا شديدا حين قالوا: نرى ربنا.
وإنما وصفوا بالعتو عند طلب الرؤية لأنهم طلبوها في الدنيا عنادا للحق وإباء على الله ورسوله في طاعتهما، والعتو مجاوزة القدر في الظلم.
ثم أعلم الله أن الموقف الذي يرون فيه الملائكة هو يوم القيامة، وأن الله حرمهم البشرى في ذلك اليوم، فقال: يوم يرون الملائكة يعني: يوم القيامة، لا بشرى يومئذ للمجرمين لا بشارة لهم في الجنة والثواب، قال والمجرمون في هذا الموضع الذين اجترموا الكفر بالله. الزجاج:
ويقولون حجرا محجورا قال عن عطاء، تقول الملائكة: حراما محرما أن يدخل الجنة إلا من قال لا إله إلا الله. ابن عباس:
وقال إذا خرج الكفار من قبورهم قالت لهم الملائكة: حراما محرما عليكم أيها المجرمون أن تكون لكم البشرى كما يبشر المؤمنون. مقاتل:
قوله: وقدمنا إلى ما عملوا من عمل أي: قصدنا وعمدنا، قال لم يكن الله غائبا عن أعمالهم، ولكن يريد وعمدنا إلى أعمالهم التي عملوها في الدنيا، ابن عباس: فجعلناه هباء منثورا قال ابن شميل: الهباء التراب الذي تطيره الريح كأنه دخان.
وقال هو ما يدخل من الكوة مع ضوء الشمس، شبيه بالغبار. الزجاج:
وهذا قول المفسرين، والمنثور المفرق، والمعنى: إن الله أحبط أعمالهم حتى صارت بمنزلة الهباء المنثور.
ثم ذكر فضل أهل الجنة على أهل النار فقال: أصحاب الجنة يومئذ يعني: يوم القيامة، خير مستقرا أفضل منزلا في الجنة، وأحسن مقيلا موضع قائلة، قال الأزهري: القيلولة عند العرب الاستراحة نصف النهار إذا اشتد الحر، وإن لم يكن مع ذلك نوم، والدليل على ذلك أن الجنة لا نوم فيها.
قال ابن مسعود، لا ينتصف النهار من يوم القيامة حتى يقيل أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار. وابن عباس: