الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله: تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا  وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا  

                                                                                                                                                                                                                                      تبارك الذي جعل في السماء بروجا قال عطاء، عن ابن عباس: يريد بروج النجوم، يعني منازلها الاثني عشر.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الحسن، ومجاهد: هي النجوم الكبار.

                                                                                                                                                                                                                                      وهو قول قتادة، سميت بروجا لظهورها.

                                                                                                                                                                                                                                      وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا يعني الشمس، كقوله: وجعل الشمس سراجا وقرأ حمزة سرجا قال الزجاج: أراد بالشمس [ ص: 345 ] والكواكب معها، ومن حجة هذه القراءة قوله: ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح .

                                                                                                                                                                                                                                      وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة قال أبو عبيدة: الخلفة كل شيء بعد شيء، الليل خلفة للنهار، والنهار خلفة لليل؛ لأن أحدهما يخلف الآخر ويأتي بعده.

                                                                                                                                                                                                                                      قال الفراء: يقول: يذهب هذا ويجيء هذا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن زيد: يخلف أحدهما صاحبه، إذا ذهب أحدهما جاء الآخر، فهما يتعاقبان.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال قتادة: إن المؤمن قد ينسى بالليل ويتذكر بالنهار، وينسى بالنهار ويتذكر بالليل.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الحسن: جعل أحدهما خلفا للآخر، فإن فات رجلا من النهار شيء أدركه بالليل، وإن فاته شيء بالليل أدركه بالنهار.

                                                                                                                                                                                                                                      وهو قوله: لمن أراد أن يذكر وقرأ حمزة مخففا على معنى أنه يذكر الله بتسبيحه فيهما، قال الفراء: ويذكر ويتذكر يأتيان بمعنى واحد، قال الله تعالى: واذكروا ما فيه وفي حرف عبد الله وتذكروا ما فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      وفي جعل الله تعالى الليل والنهار متعاقبين يخلف أحدهما صاحبه اعتبار واستدلال على قدرته، ومتسع لذكره وطاعته أيضا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أو أراد شكورا يقال: شكر يشكر شكورا وشكرا، ومنه قوله: لا نريد منكم جزاء ولا شكورا قال ابن عباس: يريد لمن أراد أن يتعظ ويطيعني.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال مجاهد: شكر نعمة ربه عليه فيهما.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية