الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي إنكم متبعون  فأرسل فرعون في المدائن حاشرين إن هؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لنا لغائظون وإنا لجميع حاذرون فأخرجناهم من جنات وعيون  وكنوز ومقام كريم كذلك وأورثناها بني إسرائيل  

                                                                                                                                                                                                                                      وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي مفسر في سورة طه إنكم متبعون يتبعكم فرعون وقومه ليحولوا بينكم وبين الخروج من أرض مصر.

                                                                                                                                                                                                                                      فأرسل فرعون في المدائن حاشرين يحشرون الناس ويجمعون له الجيش.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال فرعون: إن هؤلاء يعني: بني إسرائيل، لشرذمة عصابة، قال المبرد: الشرذمة القطعة من الناس غير الكثير، وجمعها الشراذم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: قليلون قال الفراء: يقال عصبة قليلة وقليلون، وكثيرة وكثيرون.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 354 ] قال المفسرون: وكان الشرذمة الذين ملكهم فرعون ست مائة ألف، ولا يحصى عدد أصحاب فرعون.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: وإنهم لنا لغائظون يقال: غاظه وأغاظه وغيظه إذا أغضبه، والغيظ الغضب، ومنه قوله تعالى: تكاد تميز من الغيظ .

                                                                                                                                                                                                                                      قال مقاتل: وإنهم لنا لغائظون بقتلهم أبكارنا، ثم هربهم منا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال غيره: أي بما أخذوه من العواري التي اتخذوها في الحلي، وخروجهم من أرضنا على مخالفة لنا.

                                                                                                                                                                                                                                      وإنا لجميع حذرون وقرئ حاذرون قال الفراء: الحاذر الذي يحذرك الآن، والحذر المخلوق كذلك لا تلقاه إلا حذرا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الزجاج: الحاذر المستعد، والحذر المتيقظ.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال أبو عبيدة: رجل حذر وحذر وحاذر.

                                                                                                                                                                                                                                      وأهل التفسير يقولون في تفسير حاذرون مؤدون مقوون، أي: ذوو أداء وقوة مستعدون شاكرون.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى حذرون: خائفون شرهم.

                                                                                                                                                                                                                                      فأخرجناهم يعني: فرعون وقومه، من جنات قال مقاتل: يعني البساتين.

                                                                                                                                                                                                                                      وعيون أنهار جارية.

                                                                                                                                                                                                                                      وكنوز يعني: الأموال الظاهرة من الذهب والفضة، سمي كنزا لأنه لم يعط حق الله منها، وما لم يعط حق الله منه فهو كنز، وإن كان ظاهرا.

                                                                                                                                                                                                                                      ومقام كريم قال المفسرون: هو المجلس الحسن من مجالس الأمراء والرؤساء التي كان يحف بها الأتباع.

                                                                                                                                                                                                                                      كذلك كما وصفنا، وأورثناها بني إسرائيل وكذلك إن الله رد بني إسرائيل إلى مصر بعدما أغرق فرعون وقومه، فأعطاهم جميع ما كان لقوم فرعون من الأموال والعقار والمساكن.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية