الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون  قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون  ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون  فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين  فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون  وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون  

                                                                                                                                                                                                                                      وكان في المدينة يعني: التي بها صالح، وهي الحجر، تسعة رهط وهم غواة قوم صالح، يفسدون في الأرض يعملون فيها بالمعاصي، ولا يصلحون ولا يطيعون الله.

                                                                                                                                                                                                                                      قالوا فيما بينهم: تقاسموا بالله احلفوا بالله لنبيتنه لنقتلن صالحا، وأهله بياتا، ومن قرأ بالنون كأنهم قالوا: أقسموا بالله لنفعلن كذا، والأمر بالقسم في القراءتين دخل في الفعل معهم، ثم لنقولن لوليه أي: لذي رحم صالح، إن سألنا عنه: ما شهدنا مهلك أهله ما قتلناه، وما ندري من قتله وأهله، والمهلك يجوز أن يكون مصدرا بمعنى الإهلاك، ويجوز أن يكون الموضع، وروى عاصم بفتح الميم واللام، يريد الهلاك، يقال: هلك هلاكا يهلك مهلكا، وروى [ ص: 381 ] حفص عنه بفتح الميم وكسر اللام، وهو اسم المكان على معنى: ما شهدنا موضع هلاكهم ومكانه.

                                                                                                                                                                                                                                      قال الزجاج: وكان هؤلاء النفر تحالفوا أن يبيتوا صالحا وأهله، ثم ينكروا عند أوليائه أنهم فعلوا ذلك، أو رأوه وكان هذا مكر عزموا عليه.

                                                                                                                                                                                                                                      قال الله عز وجل: ومكروا مكرا ومكرنا مكرا جازيتهم جزاء مكرهم بتعجيل عقوبتهم، وهم لا يشعرون بمكر الله بهم.

                                                                                                                                                                                                                                      فانظر كيف كان عاقبة مكرهم إنا دمرناهم وقرئ أنا بالفتح، قال الزجاج، والفراء: من كسر استأنف، فهو يفسر به ما كان قبله مثل قوله: فلينظر الإنسان إلى طعامه إنا صببنا ومن فتح رده على إعراب ما قبله جعله تابعا للعاقبة، كأنه قال: العاقبة أنا دمرناهم.

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن عباس: أرسل الله الملائكة تلك الليلة إلى دار صالح يحرسونه فأتى التسعة دار صالح شاهرين سيوفهم، فرمتهم الملائكة بالحجارة من حيث يرون الحجارة ولا يرون الملائكة، فقتلتهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال مقاتل: نزلوا في سفح جبل ينتظر بعضهم بعضا ليأتوا دار صالح، فجثم عليهم الجبل فأهلكهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وقومهم أجمعين يعني بصيحة جبريل.

                                                                                                                                                                                                                                      فتلك بيوتهم خاوية قال الزجاج: نصب خاوية على الحال، والمعنى: فانظر إلى بيوتهم خاوية.

                                                                                                                                                                                                                                      بما ظلموا بظلمهم وشركهم بالله أهلكناهم حتى صارت منازلهم خاوية خالية ساقطة على عروشها، إن في ذلك في هلاكهم، لآية لقوم يعلمون لعبرة لمن علم توحيد الله وقدرته.

                                                                                                                                                                                                                                      وأنجينا الذين آمنوا صدقوا صالحا من العذاب وكانوا يتقون الشرك.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية