الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      أخبرني أبو عمرو محمد بن عبد العزيز، كتابة، أنا محمد بن الحسن الحدادي، أنا محمد بن يزيد، أنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، أنا النضر بن سهيل، أنا إسرائيل، أنا أبو إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، في قوله: فجاءته إحداهما تمشي على استحياء  قال: ليست بسلفع من النساء، خراجة، ولاجة، جاءته على استحياء، قائلة بثوبها على وجهها؛ أي: مستترة بكم درعها.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فلما جاءه أي: جاء موسى شعيبا عليهما السلام، وقص عليه القصص يعني: أمره أجمع من قتله القبطي، وأنهم يطلبونه ليقتلوه، قال له شعيب: لا تخف نجوت من القوم الظالمين أي: لا سلطان له بأرضنا ولسنا مملكته.

                                                                                                                                                                                                                                      قالت إحداهما وهي الكبرى: يا أبت استأجره اتخذه أجيرا، إن خير من استأجرت القوي الأمين إن خير من استعملته من قوي على العمل وأداء الأمانة، قال عمر رضي الله عنه بالإسناد الذي ذكرنا: لما قالت المرأة هذا قال شعيب: وما علمك بأمانته وقوته؟ قالت: أما قوته فإنه رفع الحجر الذي لا يرفعه كذا كذا، وأما أمانته فإنه قال لي امشي خلفي فإني أكره أن تصيب الريح ثيابك فتصف لي جسدك.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال مجاهد: القوي في نزعه الحجر عن فم البئر، وكان لا يستطيعه إلا النفر، الأمين في غض طرفه عنها حين سقى لهما فصدرتا، وقد عرفتا قوته وأمانته.

                                                                                                                                                                                                                                      فلما ذكرت المرأة من حاله ما ذكرت زاده ذلك رغبة فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      فـ قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين أي: أزوجكها، على أن تأجرني ثماني حجج على أن تكون أجيرا لي ثماني سنين، قال الفراء: يقول أن تجعل ثوابي أن ترعى على غنمي ثماني حجج.

                                                                                                                                                                                                                                      فإن أتممت عشرا فمن عندك أي: ذلك تفضل منك ليس بواجب عليك، وما أريد أن أشق عليك في العشر، ستجدني إن شاء الله من الصالحين قال عمر رضي الله عنه: أي في حسن الصحبة والوفاء بما قلت.

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا أبو الفتح محمد بن عمر الكوفي، أنا علي بن الحسن بن بندار، أنا أبو عبيد الله محمد بن إسحاق الرملي، نا هشام بن عمار، [ ص: 397 ] نا إسماعيل بن عباس، نا يحيى بن سعيد، عن خالد بن معدان، عن شداد بن أوس، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: " بكى شعيب النبي، صلى الله عليه وسلم، من حب الله، تعالى، حتى عمي فرد الله عليه بصره، وأوحى الله إليه: يا شعيب، ما هذا البكاء، أشوقا إلى الجنة، أم خوفا من النار؟ فقال: إلهي وسيدي، أنت تعلم أني ما أبكي شوقا إلى جنتك، ولا خوفا من النار، ولكن اعتقدت حبك بقلبي، فإذا نظرت إليك فما أبالي بالذي تصنع بي، فأوحى الله إليه: يا شعيب، إن يكن ذلك حقا فهنيئا لك لقائي، يا شعيب، لذلك أخدمتك موسى بن عمران كليمي".  قال موسى لشعيب: ذلك بيني وبينك أي: ذلك الذي وضعت وشرطت علي ملكك وما شرطت لي من تزوج إحداهما فلي فالأمر بيننا، وتم الكلام، ثم قال: أيما الأجلين من الثماني إلى العشر، قضيت أتممت وفرغت منه، فلا عدوان علي لا ظلم علي بأن أكلف أكثر منه أو أطالب بالزيادة عليه، والله على ما نقول وكيل قال ابن عباس، ومقاتل: شهيد فيما بيني وبينك.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية