سورة الضحى
مكية، عددها إحدى عشرة آية كوفي
بسم الله الرحمن الرحيم
والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى وللآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فأغنى فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر وأما بنعمة ربك فحدث
قوله: والضحى والليل إذا سجى أقسم الله عز وجل، فقال: والضحى يعني حر الشمس وهي أول ساعة من النهار حين تطلع الشمس، وبالليل إذا سجى، يعني إذا غطى بهيمه ضوء النهار، فقال: فأقسم الله عز وجل ببدو الليل والنهار، ما ودعك ربك يا محمد وما قلى يعني وما مقتك، وذلك أن جبريل ، عليه السلام، لم ينزل على محمد صلى الله عليه وسلم أربعين يوما، ويقال: ثلاثة أيام، فقال: مشركوا العرب من أهل مكة : لو كان من الله للتتابع عليه الوحى، كما كان يفعل بمن كان قبله من الأنبياء، فقد ودعه الله وتركه صاحبه، فما يأتيه، فقال المسلمون: يا رسول الله، فما نزل عليك الوحي ؟ قال: كيف ينزل علي الوحي، وأنتم لا تنقون براجمكم، ولا تقلمون أظفاركم، قال: أقسم الله بهما، يعني بالليل والنهار، فقال: ما ودعك ربك، يا محمد، وما قلى، يقول: وما مقتك، لقولهم قد ودعه ربه وقلاه، فلما نزل جبريل ، عليه السلام، قال له النبي صلى الله عليه وسلم : " يا جبريل ، ما جئت حتى اشتقت إليك "، فقال جبريل ، عليه السلام: أنا كنت إليك أشد شوقا لكرامتك على الله عز وجل، ولكني عبد مأمور، وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا من الدنيا وما خلفنا من الآخرة وما بين ذلك ، يعني بين الدنيا والآخرة بين النفختين، وهي أربعون سنة.
ثم قال: وما كان ربك نسيا ، يقول: لم ينسك ربك يا محمد، وللآخرة يعني الجنة خير لك من الأولى يعني من الدنيا، يعني أنه قد [ ص: 495 ] دنت القيامة والآخرة خير لك من الدنيا ولسوف يعطيك ربك في الآخرة، وهو الخير فترضى يعني حتى ترضى، ثم ترضى، ثم ترضى بما يعطيك، ثم أخبره الله عز وجل عن حاله التي كان عليها، وذكره النعم، فقال له جبريل عليه السلام: ألم يجدك يتيما فآوى يقول: فضمك إلى عمك أبي طالب ، فكفاك المؤنة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من علي ربي وهو أهل المن "، فقال جبريل ، عليه السلام: ووجدك ضالا عن الدلالة فهدى فهداك لدينه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من علي ربي وهو أهل المن "، فقال جبريل ، عليه السلام: ووجدك عائلا يعني فقيرا فأغنى فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من علي ربي، وهو أهل المن ".
ثم وصاه الله عز وجل، فقال: فأما اليتيم فلا تقهر يقول: لا تنهره، ولا تعبس في وجهه، فقد كنت يتيما وأما السائل يعني الفقير المسكين فلا تنهر لا تنهره إذا سألك فقد كنت فقيرا وأما بنعمة ربك فحدث يعني اشكر الله على ما ذكر في هذه السورة، وما صنع الله عز وجل بك من الخير، إذ قال: ألم تكن كذا، ففعلت بك كذا، أنزلت هاتين السورتين جميعا بمكة : والضحى، والليل، وألم نشرح لك صدرك، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يحدث بهما سرا إلى من يطمئن إليه، ثم أتاه جبريل ، عليه السلام، بأعلى مكة فدفع الأرض بيديه فانفجرت عين ماء، فتوضأ جبريل ، عليه السلام، ليري النبي صلى الله عليه وسلم وضوء الصلاة، ثم توضأ النبي صلى الله عليه وسلم فصلى به جبريل ، عليه السلام، فلما انصرف أخبر ثم صلت مع النبي صلى الله عليه وسلم . خديجة،
[ ص: 496 ]