سورة العاديات
مكية، عددها إحدى عشرة آية كوفي
بسم الله الرحمن الرحيم
والعاديات ضبحا فالموريات قدحا فالمغيرات صبحا فأثرن به نقعا فوسطن به جمعا إن الإنسان لربه لكنود وإنه على ذلك لشهيد وإنه لحب الخير لشديد أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور إن ربهم بهم يومئذ لخبير
قوله: والعاديات ضبحا ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سرية إلى حنين من كنانة، واستعمل عليهم المنذر بن عمرو الأنصاري أحد النقباء، فغابت فلم يأتي النبي صلى الله عليه وسلم خبرها، فأخبره الله عز وجل عنها، فقال: والعاديات ضبحا يعني الخيل، وقيل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية إلى أرض تهامة، وأبطأ عليه الخبر، فجعلت اليهود والمنافقون إذا رأوا رجلا من الأنصار أو من المهاجرين تناجوا بأمره، فكان الرجل يظن أنه قد مات، أو قتل أخوه، أو أبوه، أو عمه، وكان يجد من ذلك أمرا عظيما، فجاءه جبريل ، عليه السلام، يوم الجمعة عند وقت الضحى، فقال: والعاديات ضبحا يقول: غدت الخيل إلى الغزو حتى أضبحت فعلت أنفاسها بأفواهها، فكان لها ضباح كضباح الثعلب.
ثم قال: فالموريات قدحا يقدحن بحوافرهن في الحجارة نارا كنار أبي حباحب، وكان شيخا من مصر في الجاهلية له نويرة تقدح مرة وتخمد مرة لكيلا يمر به ضيف فشبه الله عز وجل ضوء وقع حوافرهن في أرض حصباء بنويرة أبي حباحب، وأيضا فالموريات قدحا قال: كانت تصيب حوافرهن الحجارة فتقدح منهن النار، ثم قال: فالمغيرات صبحا وذلك أن الخيل صبحت العدو بغارة يقول: غارت عليهم صبحا فأثرن به نقعا يقول: فأثرن بجريهن يعني بحوافرهن نقعا في التراب.
حدثنا عبد الله بن ثابت ، قال الفراء: النقع الغبار فوسطن به جمعا يعني [ ص: 511 ] بعدوهن، يقول: حين تعدو الخيل جمع القوم يعني العدو، فأقسم الله عز وجل، بالعاديات ضبحا، وحدها إن الإنسان لربه لكنود وأيضا فوسطن به جمعا يقول: فوسطن بذلك الغبار جمعا، يقول: حمل المسلمون عليهم، فهزموهم، فضرب بعضهم بعضا، حتى ارتفع الوهج الذي كان ارتفع من حوافر الخيل إلى السماء، فهزم الله المشركين وقتلهم، فأخبره الله عز وجل بعلامات الخيل، والغبار، وكيف فعل بهم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا جبريل ، ومتى كان هذا " ؟ قال: اليوم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبر المسلمين بذلك، وقرأ عليهم كتاب الله عز وجل، ففرحوا واستبشروا، وأخزى الله عز وجل اليهود والمنافقين إن الإنسان لربه لكنود يعني لكفور، نزلت في قرط بن عبد الله بن عمرو بن نوفل القرشي ، وهو الرجل الذي أكل وحده، وأشبع بطنه وأجاع عبده، ومنع رفده، ولم يعط قومه شيئا، يسمى بلسان بني مالك بن كنانة الكنود.
ثم قال: وإنه على ذلك لشهيد يقول: إن الله عز وجل على كفر قرط لشهيد، ثم أخبر عنه، فقال: وإنه لحب الخير لشديد يعني المال، ثم خوفه، فقال: أفلا يعلم يعني فهلا يعلم إذا بعثر يعني بعث ما في القبور من الموتى وحصل ما في الصدور من الخير والشر، يعني تميز ما في القلب إن ربهم بهم يومئذ يعني يوم القيامة لخبير بالصالح منهم والطالح.
[ ص: 512 ]