سورة قريش
مكية، عددها أربع آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف
لإيلاف قريش وذلك أن قريشا كانوا تجارا يختلفون إلى الأرض، ثم سميت قريش، وكانوا يمتارون في الشتاء من الأردن، وفلسطين، لأن ساحل البحر أدفأ، فإذا كان الصيف تركوا طريق الشتاء والبحر من أجل الحر، وأخذوا إلى اليمن للميرة، فشق عليهم لا اختلاف لهم ولا تجارة قد قطعناها عنهم، فذلك: إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فقذف الله عز وجل في قلوب الحبشة أن يحملوا الطعام في السفن إلى مكة للبيع، فحملوا إليهم فجعل أهل مكة يخرجون إليهم بالإبل والحمير، فيشترون الطعام على مسيرة يومين من مكة ، وتتابع ذلك عليهم سنين، فكفاهم الله مؤنة الشتاء والصيف.
ثم قال: فليعبدوا رب هذا البيت لأن رب هذا البيت كفاهم مؤنة الخوف والجوع، فليألفوا العبادة له، كما ألفوا الحبشة، ولم يكونوا يرجونهم، الذي أطعمهم من جوع حين قذف في قلوب الحبشة أن يحملوا إليهم الطعام في السفن وآمنهم من خوف يعني القتل والسبي، وذلك أن العرب في الجاهلية كان يقتل بعضهم بعضا، ويغير بعضهم على بعض، فكان الله عز وجل يدفع عن أهل الحرم، ولا يسلط عليهم عدوا، فذلك قوله: وآمنهم من خوف .
وأيضا لإيلاف قريش يقول: لا ميرة لقريش، ولا اختلاف، وذلك أن قريشا كانت لا تأتيهم التجار، ولا يهتدون إليهم، فكانت قريش تمتار لأهلها الطعام من الشام في الشتاء، ومن اليمن في الصيف، وذلك أنهم كانوا في الشتاء ينطلقون إلى الشام يمتاروا الطعام لأهلهم، فإذا جاء الصيف انطلقوا إلى اليمن ، فكانت لهم رحلتان في الشتاء [ ص: 526 ] والصيف، فرحمهم الله عز وجل فقذف في قلوب الحبش أن يحملوا إليهم الطعام في السفن، فكانوا يخرجون على مسيرة ليلة إلى جدة، فيشترون الطعام وكفاهم الله مؤنة الشتاء والصيف.
فأنزل الله عز وجل يذكرهم النعم، فقال: لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف والإيلاف من المؤنة والاختلاف، ثم قال: فليعبدوا رب هذا البيت يقول: أخلصوا العبادة له الذي أطعمهم من جوع حين قذف في قلوب الحبشة أن يحملوا إليهم الطعام في السفن، ثم قال: وآمنهم من خوف يعني القتل والسبي، لأن العرب كانت يقتل بعضهم بعضا، ويسبي بعضهم بعضا، وهم آمنون في الحرم.
[ ص: 527 ]