ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين
ما كان لبشر ، يعني عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم ، أن يؤتيه الله ، يعني أن يعطيه الله الكتاب ، يعني التوراة والإنجيل، والحكم ، يعني الفهم، والنبوة ثم يقول للناس ، يعني بني إسرائيل، كونوا عبادا لي من دون الله ولكن ، يقول لهم: كونوا ربانيين ، يعني متعبدين لله عز وجل، بما كنتم تعلمون الكتاب ، يعني التوراة والإنجيل، وبما كنتم تدرسون ، يعني تقرؤون.
ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا ، يعني عيسى، وعزير ، ولو أمركم بذلك لكان كفرا، فذلك قوله: أيأمركم بالكفر ، يعني بعبادة الملائكة والنبيين، بعد إذ أنتم مسلمون ، يعني مخلصين له بالتوحيد، فقال: [ ص: 179 ] الأصبغ بن زيد وكردم بن قيس ، أيأمرنا بالكفر بعد الإيمان، فأنزل الله عز وجل: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين ، على أن يعبدوا الله، ويبلغوا الرسالة إلى قومهم، ويدعوا الناس إلى دين الله عز وجل، فبعث الله موسى ومعه التوراة إلى بني إسرائيل، فكان موسى أول رسول بعث إلى بني إسرائيل، وفي التوراة بيان أمر محمد صلى الله عليه وسلم ، فأقروا به، لما ، يعني للذي آتيتكم ، يعني بني إسرائيل من كتاب ، يعني التوراة، وحكمة ، يعني ما فيها من الحلال والحرام، ثم جاءكم ، يعني بني إسرائيل، رسول ، يعني محمدا صلى الله عليه وسلم ، مصدق لما معكم ، يعني تصديق محمد صلى الله عليه وسلم لما معكم في التوراة، لتؤمنن به ، يعني لتصدقن به إن بعث، ولتنصرنه ، إذا خرج، يقول عز وجل لهم: قال أأقررتم بمحمد في التوراة بتصديقه ونصره، وأخذتم على ذلكم إصري ، يقول: وقبلتم على الإيمان بمحمد عهدي وميثاقي في التوراة، قالوا أقررنا ، يقول الله: قال فاشهدوا على أنفسكم بالإقرار، يقول الله عز وجل: وأنا معكم ، أي إقراركم بمحمد صلى الله عليه وسلم من الشاهدين