لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم
لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ، كان اليهود يعاونون مشركي العرب على قتال النبي صلى الله عليه وسلم، ويأمرونهم بالمسير إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والذين أشركوا ، يعني مشركي العرب أيضا، كانوا شديدي العداوة للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، رضي الله عنهم، ولتجدن أقربهم مودة ، وليس يعني في الحب، ولكن يعني في سرعة الإجابة للإيمان، للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ، وكانوا في قرية تسمى ناصرة، ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا ، يعني متعبدين أصحاب الصوامع، وأنهم لا يستكبرون ، يعني لا يتكبرون عن الإيمان.
نزلت في أربعين رجلا من مؤمني أهل الإنجيل، منهم اثنان وثلاثون رجلا قدموا من أرض الحبشة مع ، رضي الله عنه، وثمانية نفر قدموا من جعفر بن أبي طالب الشام معهم بحيرى الراهب ، وأبرهة ، والأشرف ، ودريس ، وتمام ، وقسيم ، ودريد ، وأيمن ، والقسيسون الذين يحلقون أواسط رءوسهم، وذلك أنهم حين سمعوا القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا: ما أشبه هذا بالذي كنا نتحدث به عن عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم، فبكوا وصدقوا بالله عز وجل ورسله، فنزلت فيهم:
وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول من القرآن، ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا ، يعني صدقنا بالقرآن أنه من الله [ ص: 317 ] عز وجل، فاكتبنا ، يعني فاجعلنا مع الشاهدين ، يعني مع المهاجرين، يعني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، نظيرها في المجادلة: كتب في قلوبهم الإيمان ، يقول: جعل في قلوبهم الإيمان، وهو التوحيد.
وقالوا: وما لنا لا نؤمن بالله ، وذلك أنهم لما أسلموا ورجعوا إلى أرضهم، لامهم كفار قومهم، فقالوا: أتركتم ملة عيسى صلى الله عليه وسلم ودين آبائكم، قالوا: نعم، وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق مع محمد صلى الله عليه وسلم، ونطمع ، يعني ونرجو أن يدخلنا ربنا الجنة مع القوم الصالحين ، وهم المهاجرون الأول، رضوان الله عليهم.
فأثابهم الله بما قالوا من التصديق، جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها لا يموتون، وذلك الثواب جزاء المحسنين .
ثم قال سبحانه: والذين كفروا وكذبوا بآياتنا ، يعني بالقرآن بأنه ليس من الله عز وجل، أولئك أصحاب الجحيم ، يعني ما عظم من النار، يعني كفار النصارى الذين لاموهم حين أسلموا وتابعوا النبي صلى الله عليه وسلم.