الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه فظلموا بها فانظر كيف كان عاقبة المفسدين  وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين  حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معي بني إسرائيل  قال إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين  ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين قال الملأ من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم  يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون قالوا أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين يأتوك بكل ساحر عليم وجاء السحرة فرعون قالوا إن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين  قال نعم وإنكم لمن المقربين قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين قال ألقوا فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم  

ثم بعثنا من بعدهم ، يعني من بعد الرسل، موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه ، يعني اليد والعصا، فظلموا بها ، يعني فجحدوا بالآيات، وقالوا: ليست من الله فإنها سحر، فانظر يا محمد كيف كان عاقبة المفسدين في الأرض بالمعاصي، فكان عاقبتهم الغرق.

[ ص: 406 ] وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين .

حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق ، فإنه بعثني رسولا، قد جئتكم ببينة من ربكم ، يعني اليد والعصا بأني رسول الله، فأرسل معي بني إسرائيل إلى فلسطين.

قال فرعون: إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين ، بأنك رسول رب العالمين، وفي يد موسى عصا، فزعم ابن عباس أن ملكا من الملائكة دفعها إليه حين توجه إلى مدين، فقال موسى لفرعون: ما هذه بيدي؟ قال فرعون: عصا.

فألقى موسى عصاه من يده، فإذا هي ثعبان مبين ، يعني حية بينة، فقال فرعون: فهل من آية غيرها؟ قال: نعم، فأخرج يده، وقال لفرعون: ما هذه؟ قال: هذه يدك، فأدخل موسى يده في جيبه وعليه مدرعة من صوف مضرية، ثم أخرجها.

فذلك قوله: ونزع يده ، يعني أخرج يده من جيبه، فإذا هي بيضاء للناظرين ، لها شعاع كشعاع الشمس يغشي البصر من شدة بياضها.

قال الملأ ، وهم الكبراء، من قوم فرعون إن هذا ، يعني موسى لساحر عليم ، يعني عالم بالسحر، وذلك أن فرعون بدأ بهذه المقالة فصدقه قومه، نظيرها في الشعراء.

ثم قال لهم فرعون: يريد أن يخرجكم من أرضكم ، وهي مصر، فماذا تأمرون ، يعني تشيرون.

فرد عليه كبراء قومه: قالوا أرجه وأخاه ، يقول: أرجئ أمرهم، يقول: أوقف أمرهم حتى ننظر، في أمرهما، وأرسل في المدائن حاشرين .

يأتوك ، يحشرون عليك، بكل ساحر عليم ، يعنون عالما بالسحر.

وجاء السحرة فرعون قالوا إن لنا لأجرا ، يعني جعلا، إن كنا نحن الغالبين لموسى.

[ ص: 407 ] قال فرعون: نعم وإنكم لمن المقربين ، في المنزلة سوى العظمة، كان هذا يوم السبت في المحرم، والسحرة اثنان وسبعون رجلا.

قالوا يا موسى ، فقالت السحرة لموسى: إما أن تلقي ما في يدك، يعني عصاه، وإما أن نكون نحن الملقين ما في أيدينا من الحبال والعصي.

قال لهم موسى: ألقوا ما أنتم ملقون، فلما ألقوا الحبال والعصي، سحروا أعين الناس واسترهبوهم ، يعني وخوفوهم، وجاءوا بسحر عظيم .

التالي السابق


الخدمات العلمية