واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه قال ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين قال رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين
واتخذ قوم موسى بني إسرائيل من بعده ، حين انطلقوا إلى الطور، من حليهم عجلا جسدا ، يعني صورة عجل جسد، يقول: ليس فيه روح، له خوار ، يعني له صوت البهائم، ثم لم يصوت غير مرة واحدة، ألم يروا ، يعني بني إسرائيل، أنه لا يكلمهم ، يعني لا يقدر على أن يكلمهم، ولا يهديهم سبيلا ، يعني طريقا إلى الهدى، يعني العجل، اتخذوه العجل إلها، وكانوا ظالمين ، يعني مشركين.
ولما سقط في أيديهم ، ندامة وندموا، ورأوا وعلموا أنهم قد ضلوا عن الهدى قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا ، يعني ويتجاوز عنا، لنكونن من الخاسرين ، [ ص: 416 ] في العقوبة، فلم يقبل الله توبتهم إلا بالقتل.
ولما رجع موسى إلى قومه من الجبل، غضبان أسفا ، يعني حزينا في صنع قومه في عبادة العجل، وكان أخبره الله على الطور بأمر العجل، ثم قال: قال بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم ، يقول: استعجلتم ميقات ربكم أربعين يوما، وألقى الألواح من عاتقه، فذهب منها خمسة وبقيت أربعة، وأخذ برأس أخيه هارون يجره إليه ، يعني إلى نفسه قال (هارون لموسى: ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين .
قال موسى رب اغفر لي ، يعني تجاوز عني، ولأخي هارون، وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين .