الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب  قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب  قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدونني غير تخسير  ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب  فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب  فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ إن ربك هو القوي العزيز  وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين  كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود  

وإلى ثمود أرسلنا أخاهم صالحا ليس بأخيهم في الدين، ولكنه أخوهم في النسب، وهو صالح بن آسف، قال يا قوم اعبدوا الله ، يعني وحدوا الله، ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض ، يعني هو خلقكم من الأرض، واستعمركم فيها ، يعني وعمركم في الأرض، فاستغفروه من الشرك ثم توبوا إليه منه إن ربي قريب منكم في الاستجابة مجيب للدعاء، كقوله: فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان . قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا ، يعني مأمولا قبل هذا كنا نرجو أن ترجع إلى ديننا، فما هذا الذي تدعونا إليه؟ أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا من الآلهة، وإننا لفي شك مما تدعونا إليه من التوحيد مريب ، يعني بالمريب أنهم لا يعرفون شكهم.

قال صالح يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ، يعني على بيان من ربي، وآتاني منه رحمة ، يقول: أعطاني نعمة من عنده، وهو الهدى، فمن ينصرني ، يعني فمن يمنعني من الله إن عصيته ، يعني إن رجعت إلى دينكم، [ ص: 124 ] لقولهم صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا الذي تدعونا إليه، فما تزيدونني غير تخسير ، يقول: فما تزيدونني إلا خسارا. قال عبد الله: قال الفراء: المعنى كلما دعوتكم زدتموني تباعدا مني ، فأنتم بذلك تخسرون، يعني تهلكون.

ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية ، يعني عبرة، فذروها تأكل في أرض الله ، لا تكلفكم مؤنة، ولا علفا، ولا تمسوها بسوء ، يقول: ولا تصيبوها بعقر، فيأخذكم في الدنيا، عذاب قريب منكم، لا تمهلون حتى تعذبوا.

فعقروها ليلة الأربعاء بالسيف فماتت، فقال لهم صالح: تمتعوا في داركم ، يعني محلتكم في الدنيا، ثلاثة أيام ذلك العذاب وعد من الله غير مكذوب ليس فيه كذب بأن العذاب نازل بهم بعد ثلاثة الأيام فأهلكهم الله صبيحة يوم الرابع يوم السبت.

فذلك قوله: فلما جاء أمرنا ، يعني قولنا في العذاب، نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ، يعني بنعمة عليهم منا، ومن خزي يومئذ ، يعني ونجيناهم من عذاب يومئذ، إن ربك هو القوي في نصر أوليائه، العزيز ، يعني المنيع في ملكه وسلطانه حين أهلكهم.

وأخذ الذين ظلموا ، يعني الذين أشركوا الصيحة ، صيحة جبريل، عليه السلام، فأصبحوا في ديارهم جاثمين ، يعني في منازلهم خامدين.

كأن لم يغنوا فيها ، يقول: كأنهم لم يكونوا في الدنيا قط، ألا إن ثمود كفروا بتوحيد ربهم ألا بعدا لثمود في الهلاك.

التالي السابق


الخدمات العلمية