وبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء قالوا لو هدانا الله لهديناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم
ثم قال سبحانه: وبرزوا لله جميعا ، يقول: وخرجوا من قبورهم إلى الله جميعا، يعني بالجميع أنه لم يغادر منهم أحد إلا بعث بعد موته، فقال الضعفاء ، وهم [ ص: 188 ] الأتباع من كفار بني آدم، للذين استكبروا ، يعني للذين تكبروا عن الإيمان بالله عز وجل، وهو التوحيد، وهم الكبراء في الشرف والغنى القادة، إنا كنا لكم تبعا لدينكم في الدنيا، فهل أنتم مغنون عنا معشر الكبراء، من عذاب الله من شيء ، باتباعنا إياكم.
قالوا ، يعني قالت الكبراء للضعفاء: لو هدانا الله لهديناكم سواء علينا ، ذلك أن أهل النار قال بعضهم لبعض: تعالوا نجزع من العذاب، لعل ربنا يرحمنا، فجزعوا مقدار خمسمائة عام، فلم يغن عنهم الجزع شيئا، ثم قالوا: تعالوا نصبر لعل الله يرحمنا، فصبروا مقدار خمسمائة عام، فلم يغن عنهم الصبر شيئا، فقالوا عند ذلك: سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص ، من مهرب عنها.
وقال الشيطان ، يعني إبليس، لما قضي الأمر ، يعني حين قضي العذاب، وذلك أن إبليس لما دخل هو ومن معه على أثره النار، قام خطيبا في النار، فقال: يا أهل النار: إن الله وعدكم على ألسنة الرسل، وعد الحق ، يعني وعد الصدق أن هذا اليوم كائن، ووعدتكم أنه ليس بكائن، فأخلفتكم الوعد، وما كان لي عليكم من سلطان ، يعني من ملك في الشرك، فأكرهكم على متابعتي، يعني على ديني، إلا في الدعاء.
فذلك قوله عز وجل: إلا أن دعوتكم ، يعني إلا أن زينت لكم، فاستجبتم لي بالطاعة وتركتم طاعة ربكم، فلا تلوموني باتباعكم إياي، ولوموا أنفسكم بترككم أمر ربكم، ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي ، يقول: ما أنا بمغيثكم وما أنتم بمغيثي، إني كفرت ، يقول: تبرأت اليوم بما أشركتمون مع الله في الطاعة، من قبل في الدنيا، إن الظالمين ، يعني أن المشركين، لهم عذاب أليم ، يعني وجيع.