قال فما خطبكم أيها المرسلون قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين فلما جاء آل لوط المرسلون قال إنكم قوم منكرون قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون وأتيناك بالحق وإنا لصادقون فأسر بأهلك بقطع من الليل واتبع أدبارهم ولا يلتفت منكم أحد وامضوا حيث تؤمرون وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين وجاء أهل المدينة يستبشرون قال إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون واتقوا الله ولا تخزون قالوا أولم ننهك عن العالمين قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون فأخذتهم الصيحة مشرقين فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل إن في ذلك لآيات للمتوسمين وإنها لبسبيل مقيم إن في ذلك لآية للمؤمنين
قال إبراهيم: فما خطبكم ، يعني فما أمركم، أيها المرسلون . قالوا ، أي قال جبريل، عليه السلام: إنا أرسلنا بالعذاب إلى قوم مجرمين . إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين . ثم استثنى جبريل، عليه السلام، امرأة لوط، فقال: إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين ، يعني الباقين في العذاب، فخرجوا من عند إبراهيم، عليه السلام، بالأرض المقدسة، فأتوا لوطا بأرض سدوم من ساعتهم، فلم يعرفهم لوط، عليه السلام، وظن أنهم رجال فذلك قوله سبحانه: فلما جاء آل لوط المرسلون ، فيها تقديم، [ ص: 207 ] يقول: جاء المرسلون إلى لوط.
قال لهم لوط: إنكم قوم منكرون أنكرهم، ولم يعلم أنهم ملائكة؛ لأنهم كانوا في صورة الرجال.
قالوا بل ، قال جبريل، عليه السلام: قد جئناك يا لوط بما كانوا فيه يمترون ، يعني بما كان قومك بالعذاب يمترون، يعني يشكون في العذاب أنه ليس بنازل بهم في الدنيا.
وأتيناك بالحق ، جئناك بالصدق، وإنا لصادقون بما تقول إنا جئناهم بالعذاب.
فقالوا للوط: فأسر بأهلك ، يعني امرأته وابنته ريثا وزعوثا، بقطع ، يعني ببعض، وهو السحر، من الليل واتبع أدبارهم ، يعني سر من وراء أهلك تسوقهم، ولا يلتفت منكم أحد البتة، يقول: ولا ينظر أحد منكم وراءه، وامضوا حيث تؤمرون إلى الشام.
وقضينا إليه ، يقول: وعهدنا إلى لوط، ذلك الأمر ، يعني أمر العذاب، أن دابر ، يعني أصل هؤلاء القوم مقطوع مصبحين ، يقول: إذا أصبحوا نزل بهم العذاب.
وجاء أهل المدينة يستبشرون بدخول الرجال منزل لوط.
ثم قال لهم لوط: إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون فيهم، ولوط، عليه السلام، يرى أنهم رجال.
واتقوا الله ولا تخزون فيهم.
قالوا أولم ننهك عن العالمين ، أن تضيف منهم أحدا؛ لأن لوطا كان يحذرهم لئلا يؤتوا في أدبارهم، فعرض عليهم ابنتيه من الحياء تزويجا، واسم إحداهما ريثا، والأخرى زعوثا.
فذلك قوله: قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين لا بد فتزوجوهن.
يقول الله عز وجل: لعمرك ، كلمة من كلام العرب، إنهم لفي سكرتهم يعمهون [ ص: 208 ] ، يعني لفي ضلالتهم يترددون.
فأخذتهم الصيحة ، يعني صيحة جبريل، عليه السلام، مشرقين ، يعني حين طلعت الشمس.
فجعلنا المدائن الأربع عاليها سافلها وأمطرنا عليهم سدوم، ودامورا، وعاموا، وصابورا، وأمطرنا على من كان خارجا من المدينة، حجارة من سجيل ولعل الرجل منهم يكون في قرية أخرى، فيأتيه الحجر فيقتله، من سجيل ، يعني الحجارة خلطها الطين.
إن في ذلك لآيات ، يقول: إن هلاك قوم لوط لعبرة، للمتوسمين ، يقول: للناظرين من بعدهم، فيحذرون مثل عقوبتهم.
وإنها لبسبيل مقيم ، يعني قرى لوط التي أهلكت بطريق مستقيم، يعني واضح مقيم يمر عليها أهل مكة وغيرهم، وهي بين مكة والشام.
إن في ذلك لآية ، يعني إن في هلاك قوم لوط لعبرة، للمؤمنين ، يعني للمصدقين بتوحيد الله عز وجل لمن بعدهم، فيحذرون عقوبتهم، يخوف كفار مكة بمثل عذاب الأمم الخالية.