وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزي الله المتقين الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربك كذلك فعل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون
ثم قال تعالى: وقيل للذين اتقوا ، يعني الذين عبدوا ربهم: ماذا أنزل ربكم قالوا أنزل خيرا ، وذلك أن الرجل كان يبعثه قومه وافدا إلى مكة ليأتيهم بخبر محمد صلى الله عليه وسلم، فيأتي الموسم، فيمر على هؤلاء الرهط من قريش الذين على طرق مكة، فيسألهم عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيصدونه عنه لئلا يلقاه، فيقول: بئس الرجل الوافد أنا لقومي أن أرجع قبل أن ألقى محمدا صلى الله عليه وسلم، وأنا منه على مسيرة ليلة أو ليلتين، وأسمع منه، فيسير حتى يدخل مكة، فيلقى المؤمنين، فيسألهم عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن قولهم، فيقولون للوافد: أنزل الله عز وجل خيرا، بعث رسولا صلى الله عليه وسلم، وأنزل كتابا يأمر فيه بالخير، وينهى عن الشر، ففيهم نزلت: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا ، ثم انقطع الكلام.
يقول الله سبحانه: للذين أحسنوا العمل في هذه الدنيا لهم حسنة في الآخرة، يعني الجنة، ولدار الآخرة خير ، يعني الجنة أفضل من ثواب المشركين في الدنيا الذي ذكر في هذه الآية الأولى، يقول الله تعالى: ولنعم دار المتقين الشرك، يثني على الجنة.
ثم بين لهم الدار، فقال سبحانه: جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار ، يعني الأنهار تجري تحت البساتين، لهم فيها ما يشاءون ، يعني في الجنان، كذلك يجزي الله المتقين الشرك.
[ ص: 221 ] ثم أخبر عنهم، فقال جل ثناؤه: الذين تتوفاهم الملائكة طيبين في الدنيا، يعني ملك الموت وحده، ثم انقطع الكلام، ثم أخبر سبحانه عن قول خزنة الجنة من الملائكة في الآخرة لهم، يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون في دار الدنيا.
ثم رجع إلى كفار مكة، فقال: هل ، يعني ما ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة بالموت، يعني ملك الموت وحده، عليه السلام، أو يأتي أمر ربك ، يعني العذاب في الدنيا، كذلك ، يعني هكذا، فعل الذين ، يعني لعن الذين من قبلهم ، ونزل العذاب بهم قبل كفار مكة من الأمم الخالية، وما ظلمهم الله ، فعذبهم على غير ذنب، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون . فأصابهم سيئات ، يعني عذاب ما عملوا ، يعني في الدنيا، وحاق بهم ، يعني ودار بهم العذاب، ما كانوا به بالعذاب، يستهزئون بأنه غير نازل بهم في الدنيا.