ذكر رحمت ربك عبده زكريا إذ نادى ربه نداء خفيا قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا
ثم قال سبحانه: ذكر رحمت ربك ، يعني نعمة ربك يا محمد ، عبده زكريا ابن برخيا ، وذلك أن الله تعالى ذكر عبده زكريا بالرحمة.
إذ نادى ربه نداء خفيا ، يقول: إذ دعا ربه دعاء سرا، وإنما دعا ربه عز وجل سرا؛ لئلا يقول الناس: انظروا إلى هذا الشيخ الكبير، يسأل الولد على كبره.
قال رب إني وهن العظم مني ، يعني ضعف العظم مني، واشتعل الرأس شيبا ، يعني بياضا، ولم أكن بدعائك رب شقيا ، يعني خائبا فيما خلا، كنت تستجيب لي، فلا تخيبني في دعائي إياك بالولد.
[ ص: 307 ] وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا ، يقول: خفت الكلالة، وهم العصبة من بعد موتي أن يرثوا مالي، فهب لي من لدنك وليا ، يعني من عندك ولدا.
يرثني ، يرث مالي، ويرث من آل يعقوب ابن ماثان علمهم، ورياستهم في الأحبار، وكان يعقوب ، وعمران أبو مريم أخوين ابنا ماثان ، ومريم ابنة عمران بن ماثان ، واجعله رب رضيا ، يعني صالحا.
فاستجاب الله عز وجل لزكريا في الولد، فأتاه جبريل وهو يصلي، فقال: يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا ، لم يكن أحد من الناس فيما خلا يسمى يحيى ، وإنما سماه يحيى ؛ لأنه أحياه من بين شيخ كبير وعجوز عاقر.
فلما بشر ميتين بالولد، قال رب أنى يكون لي غلام ، يعني من أين يكون لي غلام ؟ وكانت امرأتي عاقرا ، أي ليشفع لا تلد، وقد بلغت أنا من الكبر عتيا ، يعني بؤسا، وكان زكريا يومئذ ابن خمس وسبعين سنة.
قال له جبريل، عليه السلام: كذلك ، يعني هكذا، قال ربك إنه ليكون لك غلام، هو علي هين وقد خلقتك من قبل أن تسألني الولد، ولم تك شيئا .