ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى
[ ص: 343 ] ولقد عهدنا إلى آدم من قبل محمد صلى الله عليه وسلم، ألا يأكل من الشجرة فنسي يقول: فترك آدم العهد، كقوله: وإله موسى فنسي يقول: ترك، وكقوله سبحانه: إنا نسيناكم يقول: تركناكم، وكقوله: فنسوا حظا يعني تركوا، فلما نسي العهد سمي الإنسان، فأكل منها ولم نجد له عزما يعني صبرا عن أكلها.
وإذ قلنا يعني وقد قلنا للملائكة اسجدوا لآدم إذ نفخ فيه الروح فسجدوا ثم استثنى فقال: إلا إبليس لم يسجد فـ أبى أن يسجد.
فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك حواء فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى بالعمل بيديك، وكان يأكل من الجنة رغدا من غير أن يعمل بيده، فلما أصاب الخطيئة أكل من عمل يده، فكان يعمل ويأكل إن لك يا آدم ألا تجوع فيها ولا تعرى . وأنك لا تظمأ فيها يعني لا تعطش في الجنة ولا تضحى يقول: لا يصيبك حر الشمس، فيؤذيك فتفرق.
فوسوس إليه الشيطان يعني إبليس وحده فـ قال يا آدم هل أدلك يقول: ألا أدلك على شجرة الخلد من أكل منها خلد في الجنة فلا يموت (و) على وملك لا يبلى يقول: لا يفنى.
فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما يقول: ظهرت لهما عوراتهما وطفقا يخصفان عليهما يقول: وجعلا يخصفان، يقول: يلزقان الورق بعضه على بعض من ورق الجنة [ ص: 344 ] ورق التين ليستتروا به في الجنة وعصى آدم ربه فغوى . يعني فضل وتولى عن طاعة ربه، عز وجل.
ثم اجتباه ربه يعني استخلصه ربه عز وجل فتاب عليه من ذنبه وهدى يعني وهداه للتوبة.
قال اهبطا منها جميعا يعني آدم وإبليس بعضكم لبعض عدو يقول: إبليس وذريته عدو لآدم وذريته فإما يعني فإن يأتينكم يعني ذرية آدم مني هدى يعني رسلا معهم كتب فيها البيان فمن اتبع هداي يعني رسلي وكتابي فلا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة.
ومن أعرض عن ذكري يعني عن إيمان بالقرآن نزلت في الأسود بن عبد الأسود المخزومي ، قتله يوم حمزة بن عبد المطلب بدر على الحوض فإن له معيشة ضنكا يعني معيشة سوء؛ لأنها في معاصي الله عز وجل الضنك والضيق ونحشره يوم القيامة أعمى عن حجته.
قال رب لم حشرتني أعمى عن حجتي وقد كنت بصيرا في الدنيا عليما بها، وهذا مثل قوله سبحانه: هلك عني سلطانيه يعني ضلت عني حجتي، وهذا قوله حين شهدت عليه الجوارح بالشرك والكفر.
قال الله تعالى كذلك يعني هكذا أتتك آياتنا يعني آيات القرآن فنسيتها يعني فتركت إيمانا بآيات القرآن وكذلك اليوم تنسى في الآخرة تترك في النار، ولا تخرج منها، ولا نذكرك.
وكذلك نجزي من أسرف يعني وهكذا نجزي من أشرك في الدنيا بالنار في الآخرة ولم يؤمن بآيات ربه يقول: ولم يؤمن بالقرآن ولعذاب الآخرة أشد مما أصابه في الدنيا من القتل ببدر وأبقى يعني وأدوم من عذاب الدنيا، ثم خوف كفار مكة .