ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ثم إنكم بعد ذلك لميتون ثم إنكم يوم القيامة تبعثون ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون وعليها وعلى الفلك تحملون
قوله عز وجل: ولقد خلقنا الإنسان يعني آدم صلى الله عليه وسلم من سلالة من طين والسلالة: إذا عصر الطين انسل الطين والماء من بين أصابعه.
ثم جعلناه نطفة يعني ذرية آدم في قرار مكين يعني الرحم: تمكن النطفة في الرحم ثم خلقنا النطفة علقة يقول: تحول الماء فصار دما فخلقنا العلقة مضغة يعني فتحول الدم فصار لحما مثل المضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه يقول: خلقناه، خلقا آخر يعني الروح ينفخ فيه بعد خلقه، فقال ، رضي الله عنه: قبل أن يتم النبي صلى الله عليه وسلم الآية: (تبارك الله أحسن الخالقين) ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " هكذا أنزلت يا عمر بن الخطاب عمر ".
فتبارك الله أحسن الخالقين يقول: هو أحسن المصورين، يعني من الذين خلقوا التماثيل وغيرها التي لا يتحرك منها شيء ثم إنكم بعد ذلك الخلق بعد ما ذكر من تمام خلق الإنسان لميتون عند آجالكم ثم إنكم بعد الموت يوم القيامة تبعثون يعني تحيون بعد الموت.
ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق يعني سموات، غلظ كل سماء مسيرة خمس مائة عام، وبين كل سماء مسيرة خمس مائة عام وما كنا عن الخلق غافلين يعني [ ص: 394 ] عن خلق السماء وغيره وأنزلنا من السماء ماء بقدر ما يكفيكم من المعيشة، يعني العيون فأسكناه يعني فجعلناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون فيغور في الأرض، يعني فلا يقدر عليه.
فأنشأنا يعني فخلقنا لكم به بالماء جنات يعني البساتين من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون ، ثم قال: "و" خلقنا وشجرة يعني الزيتون، وهو أول زيتونة خلقت تخرج من طور سيناء يقول: تنبت في أصل الجبل الذي كلم الله، عز وجل، عليه موسى ، عليه السلام، تنبت بالدهن يعني تخرج بالذي فيه الدهن، يقول: هذه الشجرة تشرب الماء، وتخرج الزيت، فجعل الله، عز وجل، في هذه الشجرة أدما ودهنا (و) هي وصبغ للآكلين وكل جبل يحمل الثمار، فهو سيناء يعني الحسن.
وإن لكم في الأنعام يعني الإبل والبقر والغنم لعبرة نسقيكم مما في بطونها يعني اللبن ولكم فيها منافع كثيرة يعني في ظهورها وألبانها وأوبارها وأصوافها وأشعارها ومنها تأكلون يعني من النعم، ثم قال: وعليها يعني الإبل وعلى الفلك تحملون على ظهورها في أسفاركم، ففي هذا الذي ذكر من هؤلاء الآيات عبرة في توحيد الرب، عز وجل.