الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون  فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون  ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون  تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون  ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون  قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين  ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون قال اخسئوا فيها ولا تكلمون إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين  فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون  إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون  

فإذا نفخ في الصور يعني النفخة الثانية  فلا أنساب بينهم يعني لا نسبة بينهم عم، وابن عم، وأخ، وابن أخ، وغيره، يومئذ ولا يتساءلون يقول: ولا يسأل حميم حميما فمن ثقلت موازينه بالعمل الصالح، يعني المؤمنين فأولئك هم المفلحون يعني الفائزين.

ومن خفت موازينه يعني الكفار فأولئك الذين خسروا يعني غبنوا أنفسهم في جهنم خالدون لا يموتون تلفح يعني تنفخ وجوههم النار وهم فيها كالحون عابسين شفته العليا قالصة لا تغطي أنيابه، وشفته السفلى تضرب بطنه، وثناياه خارجة من فيه بين شفتيه أربعون ذراعا، بذراع الرجل الطويل من الخلق الأول كل ناب له مثل أحد.

يقال لكفار مكة: ألم تكن آياتي تتلى عليكم [ ص: 405 ] يقول: ألم يكن القرآن يقرأ عليكم في أمر هذا اليوم، وما هو كائن فيكم، فكنتم بها تكذبون نظيرها في الزمر.

قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا التي كتبت علينا وكنا قوما ضالين عن الهدى، ثم قالوا: ربنا أخرجنا منها يعني من النار فإن عدنا إلى الكفر والتكذيب فإنا ظالمون ثم رد مقدار الدنيا منذ خلقت إلى أن تفنى سبع مرات قال اخسئوا فيها يقول: اصغروا في النار ولا تكلمون فلا يتكلم أهل النار بعدها أبدا غير أن لهم زفيرا أول نهيق الحمار، وشهيقا آخر نهيق الحمار، ثم قال عز وجل: إنه كان فريق من عبادي المؤمنين يقولون ربنا آمنا يعني صدقنا بالتوحيد فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين . فاتخذتموهم سخريا وذلك أن رءوس كفار قريش المستهزئين: أبا جهل ، وعتبة ، والوليد ، وأمية ، ونحوهم، اتخذوا فقراء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سخريا يستهزئون بهم، ويضحكون من خباب ، وعمار ، وبلال ، وسالم مولى أبي حذيفة ، ونحوهم من فقراء العرب، فازدروهم، ثم قال: حتى أنسوكم ذكري حتى ترككم الاستهزاء بهم عن الإيمان بالقرآن وكنتم منهم يا معشر كفار قريش من الفقراء تضحكون استهزاء بهم نظيرها في ص، يقول الله عز وجل: إني جزيتهم اليوم في الآخرة بما صبروا على الأذى والاستهزاء، يعني الفقراء من العرب والموالي أنهم هم الفائزون يعني هم الناجون.

التالي السابق


الخدمات العلمية