قل أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا لهم فيها ما يشاءون خالدين كان على ربك وعدا مسئولا ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا فقد كذبوكم بما تقولون فما تستطيعون صرفا ولا نصرا ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا
قل لكفار مكة: أذلك الذي ذكر من النار خير أفضل أم جنة الخلد يعني التي لا انقطاع لها التي وعد المتقون كانت لهم جزاء بأعمالهم الحسنة ومصيرا يعني ومرجعا.
لهم فيها ما يشاءون خالدين فيها لا يموتون كان على ربك وعدا منه في الدنيا مسئولا يسأله في الآخرة المتقون إنجاز ما وعدهم في الدنيا، وهي الجنة، ويوم يحشرهم يعني يجمعهم، يعني كفار مكة "و" يحشر وما يعبدون من دون الله من الملائكة فيقول للملائكة: أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء [ ص: 433 ] يقول: أنتم أمرتموهم بعبادتكم ؟ أم هم ضلوا السبيل يقول: أو هم أخطؤوا طريق الهدى، فتبرأت الملائكة.
فـ قالوا سبحانك نزهوه تبارك وتعالى أن يكون معه آلهة ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء يعني ما لنا أن نتخذ من دونك وليا أنت ولينا من دونهم ولكن متعتهم يعني كفار مكة "و" متعت وآباءهم من قبلهم حتى نسوا الذكر يقول: حتى تركوا إيمانا بالقرآن وكانوا قوما بورا يعني هلكى.
يقول الله تعالى لكفار مكة: فقد كذبوكم الملائكة بما يقولون بأنهم لم يأمروكم بعبادتهم فما تستطيعون صرفا ولا نصرا يقول: لا تقدر الملائكة صرف العذاب عنكم ولا نصرا يعني ولا منعا يمنعونكم منه ومن يظلم منكم يعني يشرك بالله في الدنيا، فيموت على الشرك نذقه في الآخرة عذابا كبيرا يعني شديدا، وكقوله في بني إسرائيل: ولتعلن علوا كبيرا يعني شديدا.
وما أرسلنا قبلك من المرسلين لقول كفار مكة للنبي صلى الله عليه وسلم: أنه يأكل الطعام، ويمشي في الأسواق، إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وجعلنا بعضكم لبعض فتنة ابتلينا بعضا ببعض، ذلك حين أسلم أبو ذر الغفاري ، رضي الله عنه، ، وعبد الله بن مسعود ، وعمار بن ياسر وصهيب ، ، وبلال ، وخباب بن الأرت وجبر مولى عامر بن الحضرمي ، ، وسالم مولى أبي حذيفة والنمر بن قاسط ، وعامر بن فهيرة ، ومهجع بن عبد الله ، ونحوهم من الفقراء، فقال أبو جهل ، وأمية ، والوليد ، وعقبة ، وسهيل ، والمستهزئون من قريش: انظروا إلى هؤلاء الذين اتبعوا محمدا صلى الله عليه وسلم من موالينا وأعواننا رذالة كل قبيلة فازدروهم، فقال الله تبارك وتعالى لهؤلاء الفقراء من العرب والموالي: أتصبرون ؟ على الأذى والاستهزاء وكان ربك بصيرا أن تصبروا، فصبروا ولم يجزعوا، فأنزل الله عز وجل فيهم: إني جزيتهم اليوم بما صبروا [ ص: 434 ] على الأذى والاستهزاء من كفار قريش أنهم هم الفائزون يعني الناجين من العذاب.