الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا  وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا  ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وكان الكافر على ربه ظهيرا  وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا  قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا  وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا  الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا  وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا  

[ ص: 440 ] وهو الذي مرج البحرين يعني ماء المالح على ماء العذب، هذا عذب فرات يعني تبارك تعالى خلدا طيبا وهذا ملح أجاج يعني مرا من شدة الملوحة، وجعل بينهما برزخا يعني أجلا وحجرا محجورا يعني حجابا محجوبا، فلا يختلطان، ولا يفسد طعم الماء العذب.

وهو الذي خلق من الماء بشرا يعني النطفة إنسانا فجعله يعني الإنسان نسبا وصهرا أما النسب فالقرابة له خمس نسوة: أمهاتكم اللاتي أرضعنكم، وأخواتكم من الرضاعة، وأمهات نسائكم، وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن، فإن لم تكونوا دخلتم بهن، فلا جناح عليكم، وحلائل أبنائكم، فهذا من الصهر، ثم قال تعالى: وكان ربك قديرا على ما أراده.

ويعبدون من دون الله من الملائكة ما لا ينفعهم في الآخرة إن عبدوهم ولا يضرهم في الدنيا إذا لم يعبدوهم وكان الكافر يعني أبا جهل على ربه ظهيرا يعني معينا للمشركين على ألا يوحدوا الله عز وجل.

وما أرسلناك إلا مبشرا بالجنة ونذيرا من النار قل ما أسألكم عليه يعني على الإيمان من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا لطاعته.

وتوكل على الحي الذي لا يموت وذلك حين دعي النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملة آبائه وسبح بحمده أي بحمد ربك، يقول: واذكر بأمره، وكفى به بذنوب عباده خبيرا يعني بذنوب كفار مكة ، فلا أحد أخبر، ولا أعلم بذنوب العباد من الله عز وجل، ثم عظم نفسه تبارك وتعالى، فقال عز وجل: الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش قبل ذلك الرحمن جل جلاله فاسأل به خبيرا يعني فاسأل بالله خبيرا يا من تسأل عنه محمدا .

[ ص: 441 ] وإذا قيل لهم لكفار مكة اسجدوا للرحمن عز وجل، وذلك أن أبا جهل قال: يا محمد ، إن كنت تعلم الشعر، فنحن عارفون لك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " الشعر غير هذا، إن هذا كلام الرحمن "، عز وجل، قال أبو جهل: بخ بخ أجل، لعمر الله، إنه لكلام الرحمن الذي باليمامة، فهو يعلمك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " الرحمن هو الله عز وجل، الذي في السماء، ومن عنده يأتيجبريل، عليه السلام ". فقال أبو جهل: يا آل غالب، من يعذرني من ابن أبي كبشة، يزعم أن ربه واحد، وهو يقول: الله يعلمني، والرحمن يعلمني، ألستم تعلمون أن هذين إلهان ؟ قال الوليد بن المغيرة ، وعتبة ، وعقبة: ما نعلم الله والرحمن إلا اسمين، فأما الله فقد عرفناه، وهو الذي خلق ما نرى، وأما الرحمن فلا نعلمه إلا مسيلمة الكذاب ، ثم قال: يا ابن أبي كبشة، تدعو إلى عبادة الرحمن الذي باليمامة. فأنزل الله عز وجل: وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن يعني صلوا للرحمن قالوا وما الرحمن فأنكروه أنسجد لما تأمرنا يعني نصلي للذي تأمرنا، يعنون مسيلمة وزادهم نفورا يقول: زادهم ذكر الرحمن تباعدا من الإيمان.

التالي السابق


الخدمات العلمية