الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما  والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما  يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا  إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما  ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا

والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا في غير حق، ولم يقتروا يعني ولم يمسكوا عن حق، وكان بين ذلك قواما يعني بين الإسراف والإقتار مقتصدا والذين لا يدعون يعني لا يعبدون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق يعني بالقصاص ولا يزنون ومن يفعل ذلك جميعا يلق أثاما يعني جزاؤه، واديا في جهنم.

يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه يعني في العذاب مهانا يعني يهان فيه: نزلت بمكة ، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، كتب وحشي بن حبيش غلام المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف ، إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما قتل حمزة: هل لي من توبة وقد أشركت وقتلت وزنيت ؟ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله فيه بعد سنتين.

فقال سبحانه: إلا من تاب من الشرك وآمن يعني وصدق بتوحيد الله عز وجل وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله يعني يحول الله عز وجل سيئاتهم حسنات والتبديل من العمل السيئ إلى العمل الصالح وكان الله غفورا لما كان في الشرك رحيما به في الإسلام، فأسلم وحشي ، وكان وحشي قد قتل حمزة بن عبد المطلب عليه السلام يوم أحد،  ثم أسلم، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم، فخرب مسجد المنافقين، ثم قتل مسيلمة الكذاب باليمامة على عهد أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه، فكان وحشي يقول: أنا الذي قتلت خير الناس، يعني حمزة ، وأنا الذي قتلت شر [ ص: 443 ] الناس، يعني مسيلمة الكذاب ، فلما قبل الله عز وجل توبة وحشي  قال كفار مكة: كلنا قد عمل عمل وحشي فقد قبل الله عز وجل توبته، ولم ينزل فينا شيء؛ فأنزل الله عز وجل في كفار مكة: يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا في الإسلام، يعني بالإسراف: الذنوب العظام؛ الشرك والقتل والزنا، فكان بين هذه الآية: ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق إلى آخر الآية، وبين الآية التي في النساء ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم إلى آخر الآية، ثماني سنين.

ومن تاب من الشرك وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا يعني مناصحا لا يعود إلى نكل الذنب.

التالي السابق


الخدمات العلمية