الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين  وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون  من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون  ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون  إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين  وأن أتلو القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين  وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون  

ويوم ينفخ في الصور ففزع يقول: فمات من في السماوات ومن في الأرض من شدة الخوف والفزع، إلا من شاء الله يعني جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، وملك الموت، عليهم السلام، وكل أتوه داخرين يعني وكل البر والفاجر أتوه في الآخرة صاغرين.

[ ص: 487 ] وترى الجبال تحسبها جامدة يعني تحسبها مكانها وهي تمر مر السحاب فتستوي في الأرض صنع الله الذي أتقن يعني الذي أحكم كل شيء إنه خبير بما تفعلون يعني إنه خبير بما فعلتم، نظيرها في الروم.

من جاء بالحسنة في الآخرة يعني بـ"لا إله إلا الله" فله خير منها فيها تقديم، يقول له: منها خير وهم من فزع يومئذ آمنون . حدثني الهذيل ، عن مقاتل ، عن ثابت البناني ، عن كعب بن عجرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل: من جاء بالحسنة ، ومن جاء بالسيئة قال: " هذه تنجي، وهذه تردي ".

ومن جاء بالسيئة يعني بالشرك فكبت وجوههم في النار ثم تقول لهم خزنة جهنم:  هل تجزون إلا ما كنتم تعملون من الشرك إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة يعني مكة الذي حرمها من القتل والسبي وحرم فيها الصيد وغيره فلا يستحل فيها ما لا ينبغي وله ملك كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين يعني من المخلصين بالتوحيد "و" أمرت وأن أتلو القرآن عليكم يا أهل مكة فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل عن الإيمان بالقرآن، مثلها في الزمر، فقل إنما أنا من المنذرين يعني من المرسلين يعني أنا كأحد الرسل.

وقل يا محمد الحمد لله سيريكم آياته يعني العذاب في الدنيا فتعرفونها أنها حق، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرهم بالعذاب أنه نازل بهم فكذبوه، فنزلت: سيريكم آياته يعني القتل ببدر إذا نزل بكم فلا تستعجلون، ثم قال سبحانه: وما ربك بغافل عما تعملون هذا وعيد، فعذبهم الله عز وجل بالقتل، وضربت الملائكة وجوههم وأدبارهم، وعجل الله بأرواحهم إلى النار.

[ ص: 488 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية