وله من في السماوات والأرض كل له قانتون وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم فمن يهدي من أضل الله وما لهم من ناصرين
وله من في السماوات من الملائكة ومن في والأرض من الإنس والجن ، ومن يعبد من دون الله عز وجل ، كلهم عبيده وفي ملكه ، قال سبحانه : كل له قانتون يعني كل ما فيهما من الخلق لله قانتون ، يعني مقرون بالعبودية له ، يعلمون أن الله جل جلاله ربهم ، وهو خلقهم ولم يكونوا شيئا ، ثم يعيدهم ، ثم يبعثهم في الآخرة أحياء بعد موتهم كما كانوا. ثم قال عز وجل : وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو الذي بدأ الخلق ، يعني خلق آدم ، فبدأ خلقهم ولم يكونوا شيئا ، ثم يعيدهم ، يعني يبعثهم في الآخرة أحياء بعد موتهم كما كانوا وهو أهون عليه يقول : البعث أيسر عليه عندكم ، يا معشر الكفار في المثل من الخلق الأول ، حين بدأ خلقهم نطفة ، ثم علقة ، ثم مضغة ، ثم عظما ، ثم لحما ، فذلك قوله عز وجل : وله المثل الأعلى في السماوات والأرض فإنه تبارك وتعالى رب واحد لا شريك له ، وهو العزيز في ملكه ، لقولهم : إن الله عز وجل لا يقدر على البعث الحكيم في أمره حكم البعث.
ضرب لكم مثلا من أنفسكم نزلت في كفار قريش ، وذلك أنهم كانوا يقولون في إحرامهم : لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك ، فقال تعالى : ضرب لكم مثلا من أنفسكم يقول : وصف لكم يا معشر الأحرار ، من كفار قريش مثلا يعني شبها من عبيدكم ، هل لكم استفهام من ما ملكت أيمانكم من العبيد من شركاء في ما رزقناكم من الأموال فأنتم وعبيدكم فيه سواء في الرزق ثم قال : تخافونهم كخيفتكم أنفسكم يقول عز وجل : تخافون عبيدكم أن يرثوكم بعد الموت كما تخافون أن يرثكم الأحرار من أوليائكم ، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : لا ، قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : "أفترضون لله عز وجل الشركة في ملكهـ وتكرهون الشرك في [ ص: 11 ] أموالكم ، فسكتوا ولم يجيبوا النبي صلى الله عليه وسلم .
إلا شريكا هو لك تملكه ما ملك ، يعنون الملائكة ، قال : فكما لا تخافون أن يرثكم عبيدكم ، فكذلك ليس لله عز وجل شريك ، كذلك نفصل الآيات يعني هكذا نبين الآيات لقوم يعقلون عن الله عز وجل الأمثال ، فيوحدونه ، ثم ذكرهم فقال سبحانه : بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم يعلمونه بأن معه شريكا فمن يهدي من أضل الله يقول : فمن يهدي إلى توحيد الله من قد أضله الله عز وجل عنه ، وما لهم من ناصرين يعني مانعين من الله عز وجل.