الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا كان ذلك في الكتاب مسطورا  وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا  ليسأل الصادقين عن صدقهم وأعد للكافرين عذابا أليما  

فأنزل الله تعالى : النبي أولى بالمؤمنين في الطاعة له من أنفسهم يعني من بعضهم لبعض ، فلما نزلت هذه الآية ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : "من ترك دينا فعلي ، ومن ترك [ ص: 36 ] كلا ، يعني عيالا ، فأنا أحق به ، ومن ترك مالا فللورثة". ثم قال عز وجل : وأزواجه أمهاتهم ولا يحل لمسلم أن يتزوج من نساء النبي صلى الله عليه وسلم شيئا أبدا ، ثم قال عز وجل : وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله يعني في المواريث من المؤمنين يعني الأنصار ، ثم قال : والمهاجرين الذين هاجروا إليهم بالمدينة ، وذلك أن الله تعالى أراد أن يحرض المؤمنين على الهجرة بالمواريث ، فلما نزلت هذه الآية ورث المهاجرون بعضهم بعضا على القرابة ، فإن كان مسلما لم يهاجر لم يرثه ابنه ولا أبوه ولا أخوه المهاجر ، إذا مات أحدهما ولم يهاجر الآخر.

إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا يعني إلى أقربائكم أن توصوا لهم من الميراث للذين لم يهاجروا من المسلمين ، كانوا بمكة أو بغيرها ، ثم قال : كان ذلك في الكتاب مسطورا يعني مكتوبا في اللوح المحفوظ أن المؤمنين أولى ببعض في الميراث من الكفار ، فلما كثر المهاجرون رد الله عز وجل المواريث على أولي الأرحام على كتاب الله في القسمة إن كان مهاجرا ، أو غير مهاجر ، فقال في آخر الأنفال : وأولو الأرحام من المسلمين بعضهم أولى ببعض مهاجر ، وغير مهاجر في الميراث في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم ، فنسخت الآية التي في الأنفال هذه الآية التي في الأحزاب.

وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك يا محمد ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم فكان النبي صلى الله عليه وسلم أولهم في الميثاق وآخرهم في البعث ، وذلك أن الله تبارك وتعالى خلقآدم ، عليه السلام ، وأخرج منه ذريته ، فأخذ على ذريته من النبيين أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ، وأن يدعوا الناس إلى عبادة الله عز وجل ، وأن يصدق بعضهم بعضا ، وأن ينصحوا لقومهم ، فذلك قوله عز وجل : وأخذنا منهم ميثاقا غليظا الذي أخذ عليهم ، فكل نبي بعثه الله عز وجل صدق من كان قبله ، ومن كان بعده من الأنبياء ، عليهم السلام.

يقول عز وجل : ليسأل الصادقين عن صدقهم يعني النبيين ، عليهم السلام ، هل بلغوا الرسالة وأعد للكافرين بالرسل عذابا أليما يعني وجيعا.

التالي السابق


الخدمات العلمية