الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما  لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا  ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا  

يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن يعني القناع الذي يكون فوق الخمار وذلك أن المهاجرين قدموا المدينة ومعهم نساؤهم ، فنزلوا مع الأنصار في ديارهم ، فضاقت الدور عنهم ، وكان النساء يخرجن بالليل إلى النخل فيقضين [ ص: 55 ] حوائجهن ، يعني البراز ، فكان المريب يرصد النساء بالليل ، فيأتيها فيعرض عليها ويغمزها ، فإن هويت الجماع أعطاها أجرها ، وقضى حاجته ، وإن كانت عفيفة صاحت فتركها ، وإنما كانوا يطلبون الولائد ، فلم تعرف الأمة في الحرة بالليل ، فذكر نساء المؤمنين ذلك لأزواجهن ، وما يلقين بالليل من الزناة ، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله عز وجل : يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن يعني القناع فوق الخمار ذلك أدنى يعني أجدر أن يعرفن في زيهن أنهن لسن بمريبات ، وأنهن عفايف ، فلا يطمع فيهن أحد فلا يؤذين بالليل وكان الله غفورا في تأخير العذاب عنهم رحيما حين لا يعجل عليهم بالعقوبة.

ثم أوعدهم ، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم : لئن لم ينته المنافقون عن نفاقهم والذين في قلوبهم مرض الفجور وهم الزناة ، ثم نعتهم بأعمالهم الخبيثة ، فقال : والمرجفون في المدينة يعني المنافقين كانوا يخبرون المؤمنين بالمدينة بما يكرهون من عدوهم ، يقول : لئن لم ينتهوا عن الفجور والإرجاف والنفاق لنغرينك يا محمد بهم يقول : لنحملنك على قتلهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا . ونجعلهم ملعونين أينما ثقفوا فأوجب لهم اللعنة على كل حال أينما وجدوا وأدركوا أخذوا وقتلوا تقتيلا يقول : خذوهم واقتلوهم قتالا ، فانتهوا عن ذلك مخافة القتل.

سنة الله في الذين خلوا من قبل هكذا كانت سنة الله في أهل بدر القتل ، وهكذا سنة الله في هؤلاء الزناة وفي المرجفين القتل ، إن لم ينتهوا ولن تجد لسنة الله تبديلا يعني تحويلا؛ لأن قوله عز وجل حق في أمر القتل.

التالي السابق


الخدمات العلمية