لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون
لتنذر قوما بما في القرآن من الوعيد ما أنذر آباؤهم الأولون فهم غافلون . لقد حق القول على أكثرهم لقوله لإبليس : لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين لقد حق القول ، لقد وجب العذاب على أكثر أهل مكة فهم لا يؤمنون لا يصدقون بالقرآن.
[ ص: 82 ] إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون وذلك أن أبا جهل بن هشام حلف لئن رأى النبي صلى الله عليه وسلم ليدمغنه ، فأتاه أبو جهل وهو يصلي ومعه الحجر ، فرفع الحجر ليدفع النبي صلى الله عليه وسلم فيبست يده ، والتصق الحجر بيده ، فلما رجع إلى أصحابه خلصوا يده فسألوه فأخبرهم بأمر الحجر ، فقال رجل آخر من بني المغيرة المخزومي : أنا أقتله ، فأخذ الحجر ، فلما دنا من النبي صلى الله عليه وسلم طمس الله عز وجل على بصره فلم ير النبي صلى الله عليه وسلم وسمع قراءته ، فرجع إلى أصحابه فلم يبصرهم حتى نادوه.
فذلك قوله عز وجل : وجعلنا من بين أيديهم سدا حين لم يروا النبي صلى الله عليه وسلم ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون حين لم ير أصحابه فسألوه ما صنعت ، فقال : لقد سمعت قراءته وما رأيته.
فأنزل الله عز وجل في أبي جهل : إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان يعني بالأذقان الحنك فوق الغلصمة ، يقول رددنا أيديهم في أعناقهم فهم مقمحون يعني أن يجمع يديه إلى عنقه ، وأنزل الله عز وجل في الرجل الآخر : وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا يعني ظلمة فلم ير النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن خلفهم سدا فلم ير أصحابه الآية ، وكان معهم الوليد بن المغيرة.
وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم يا محمد لا يؤمنون بالقرآن بأنه من الله عز وجل فلم يؤمن أحد من أولئك الرهط من بني مخزوم.