[ ص: 111 ] بسم الله الرحمن الرحيم 
صلى الله على محمد  نبي الرحمة ، وعلى آله وسلم . 
قال  أبو عمر :  قرئ على أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي زمنين  رضي الله عنه بقرطبة   [في] شعبان سنة خمس وتسعين وثلاثمائة : الحمد لله الذي أنزل الكتاب على محمد  عبده ورسوله ؛ ليكون للعالمين نذيرا ، وجعله داعيا إليه وسراجا منيرا ؛ فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرسل به ، ونصح لمن أرسل إليه ، وكان كما وصفه الله بالمؤمنين رؤوفا رحيما صلى الله عليه وسلم تسليما . 
وبعد ؛ فإني قرأت كتاب يحيى بن سلام  في تفسير القرآن ، فوجدت فيه تكرارا كثيرا ، وأحاديث (ذكرها) ؛ يقوم علم التفسير دونها ، فطال بذلك الكتاب [وإنه للذي] خبرته من قلة نشاط أكثر الطالبين للعلوم في زماننا هذا - إلا إلى ما يخف في هذا الكتاب على الدارس ، ويقرب للمقيد - نظرت فيه ، فاختصرت فيه مكرره وبعض أحاديثه ، وزدت فيه من غير كتاب يحيى  تفسير ما لم يفسره يحيى ،  وتبعت ذلك إعرابا كثيرا ولغة ؛ على ما نقل عن النحويين ، وأصحاب اللغة السالكين لمناهج الفقهاء في التأويل ؛ زائدا على الذي ذكره يحيى من ذلك . 
وأبتدئ ببعض ما افتتح به يحيى كتابه ؛ فمن ذلك : أنه قال : حدثني  سفيان  [ ص: 112 ] الثوري ،  عن عبد الأعلى ،  عن  سعيد بن جبير ،  عن  ابن عباس  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قال في القرآن بغير علم ، فليتبوأ مقعده من النار   " . 
يحيى : وأخبرني صاحب لي ، عن  سعيد بن أبي عروبة ،  عن  قتادة   " أن  حذيفة بن اليمان  قال  لعثمان بن عفان :  ما كنت صانعا إذا قيل : قراءة فلان ، وقراءة فلان ؛ كما صنع أهل الكتاب فأصنعه الآن . فجمع عثمان الناس على هذا المصحف ؛ وهو حرف زيد " . 
يحيى : وحدثني الحسن بن [دينار]  عن  محمد بن سيرين   " أن جبريل  كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيعرض عليه القرآن عرضة كل عام ؛ فلما كان العام الذي قبض فيه ، أتاه فعرض عليه مرتين " . 
قال  ابن سيرين :  فكانوا (يرون أن قراءتنا هذه) على العرضة الآخرة . 
 [ ص: 113 ] قال يحيى :  وحدثونا أن السور لم تنزل كل سورة منها جملة ، إلا اليسير منها ، ولكن النبي عليه السلام قد كان سمى السور ؛ فكلما نزل من القرآن شيء ، أمر أن يضعوه من السور في المكان الذي يأمرهم به ؛ حتى تمت السور ، وكان يأمر أن يجعل في بعض السور المكية من المدني ، وأن يجعل في بعض السور المدنية من المكي ، وكان جبريل  عليه السلام يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيقول : إن الله - تبارك وتعالى - يأمرك أن تجعل آية كذا بين ظهراني كذا ، وكذا (بين كذا وكذا) من السورة . 
وقد نزل المكي قبل المدني وأن هذا [التأليف الذي] بين السور لم ينزل على هذا التأليف ، ولكنه وضع هكذا ، لم يجعل المكي من [السور] على حدة ؛ يتبع بعضه بعضا في تأليف السور ، ولم يجعل المدني من السور على حدة ؛ يتبع بعضه بعضا في تأليف السور . 
وقد نزل بمكة بعض ما أمر به لما يكون بالمدينة [يعملون به] إذا قدموا المدينة ،  وأن بعض الآيات نزلت الآية منها قبل الآية ، وهي بعدها [في التأليف ، وقد فسرنا هذه الوجوه في مواضعها من التفسير وإن ما نزل بمكة ، وما نزل في طريق المدينة قبل أن يبلغ النبي عليه السلام المدينة  فهو من المكي ، وما نزل على النبي عليه السلام في أسفاره بعدما قدم المدينة  فهو من المدني] وما كان وأكثره مكي . 
 [ ص: 114 ] قال يحيى :  ولا يعرف القرآن إلا من عرف اثنتي عشرة خصلة : المكي والمدني ، والناسخ والمنسوخ ، والتقديم والتأخير ، والمقطوع والموصول ، والخاص والعام ، والإضمار والعربية . 
قال محمد : وجميع ما نقلته من كتاب يحيى أخبرني به أبي رحمه الله عن أبي الحسن علي بن الحسن ،  عن أبي داوود أحمد بن موسى ،  عن يحيى بن سلام .  
ومنه ما حدثني به [أبي] عن أبي الحسن  عن يحيى بن محمد بن يحيى بن سلام  عن أبيه ، عن جده ، وكل ما أدخلته من طريق يحيى بن محمد  فقد قلت : إنه من طريق (حديث) يحيى بن محمد .  
وأسأل الله العون والتأييد والإرشاد والتسديد ؛ لا إله إلا الله هو [الفعال لما يريد] . 
 [ ص: 115 ]  [ ص: 116 ]  [ ص: 117 ] 
				
						
						
