الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون  وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين  وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم  إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون  وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون  وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون  وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون  واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين  إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون  

                                                                                                                                                                                                                                      وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا أي : سمع قبول وتراهم ينظرون إليك يعني : وهم لا يبصرون بقلوبهم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 162 ] خذ العفو قال مجاهد : يقول : خذ العفو من أخلاق الناس وأعمالهم بغير [تحسس] .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : العفو في كلام العرب :  ما أتي بغير كلفة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأمر بالعرف بالمعروف وأعرض عن الجاهلين يعني : المشركين .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وأعرض منسوخ ، نسخه القتال .

                                                                                                                                                                                                                                      وإما ينزغنك من الشيطان نزغ قال الحسن : النزغ : الوسوسة .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : وأصل النزغ : الحركة ؛ تقول : قد نزغته ؛ إذا حركته .

                                                                                                                                                                                                                                      إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا قال الحسن : طائف من الطوفان ؛ أي : يطوف عليهم بوساوسه ؛ يأمرهم بالمعصية فإذا هم مبصرون أي : تائبون من المعصية وإخوانهم يعني : إخوان المشركين من الشياطين يمدونهم أي : يزيدونهم في الغي ثم لا يقصرون في هلكتهم .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : هو من المدد الذي يمدونهم في الغي : بأسباب الغي ، يقال : [مددته] بالسلاح ، وأمددته بكذا ؛ لما يمده به . ولبعضهم يذكر الأموات :

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 163 ]

                                                                                                                                                                                                                                      (نمدهم كل يوم من بقيتنا ولا يؤوب إلينا منهم أحد



                                                                                                                                                                                                                                      وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها أي : هلا جئت بها من عندك . قال الله : قل لهم يا محمد : إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي هذا بصائر يعني : القرآن .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : واحد البصائر : بصيرة ؛ وهي كلمة : تتصرف على وجوه ، وأصلها بيان الشيء وظهوره .

                                                                                                                                                                                                                                      وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا قال الحسن : كانوا يتكلمون في الصلاة حتى نزلت هذه الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة
                                                                                                                                                                                                                                       أي : مخافة منه .

                                                                                                                                                                                                                                      ودون الجهر من القول بالغدو والآصال يعني : العشيات . وهذا حين كانت الصلاة ركعتين غدوة ، وركعتين عشية قبل أن تفرض الصلوات الخمس .

                                                                                                                                                                                                                                      ولا تكن من الغافلين عن الله ، وعن دينه .

                                                                                                                                                                                                                                      إن الذين عند ربك يعني : الملائكة لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 164 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية