الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير  والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير  والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم  والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم  

                                                                                                                                                                                                                                      إن الذين آمنوا وهاجروا إلى " المدينة " يعني : المهاجرين والذين آووا ونصروا يعني : الأنصار آووا المهاجرين ، ونصروا الله ورسوله [ ص: 189 ] أولئك بعضهم أولياء بعض يعني : المهاجرين والأنصار .

                                                                                                                                                                                                                                      والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء يعني : في الدين حتى يهاجروا قال قتادة : نزلت هذه الآية ، فتوارث المسلمون بالهجرة زمانا ،  وكان لا يرث الأعرابي المسلم من قريبه المهاجر المسلم شيئا ، ثم نسخ ذلك في سورة الأحزاب ؛ فقال : وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين فخلط الله المسلمين بعضهم ببعض ، وصارت المواريث بالملل .

                                                                                                                                                                                                                                      وإن استنصروكم في الدين يعني : الأعراب فعليكم النصر لهم لحرمة الإسلام .

                                                                                                                                                                                                                                      إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق يعني : أهل الموادعة والعهد من مشركي العرب . قال قتادة : نهي المسلمون عن نقض ميثاقهم .

                                                                                                                                                                                                                                      والذين كفروا بعضهم أولياء بعض نزلت حين أمر النبي بقتال المشركين كافة ، وكان قوم من المشركين بين رسول الله وبين قريش ؛ فإذا أرادهم رسول الله قالوا : ما تريد منا ونحن [ . . . ] عنكم وقد نرى ناركم ؟ وكان أهل الجاهلية يعظمون النار ؛  لحرمة قرب الجوار ؛ لأنهم إذا رأوا نارهم فهم جيرانهم ، وإذا أرادهم المشركون قالوا : ما تريدون منا ونحن على دينكم ؟ فأنزل الله : والذين كفروا بعضهم أولياء بعض أي : فألحقوا المشركين [ ص: 190 ] بعضهم ببعض حتى يكون حكمكم فيهم واحدا .

                                                                                                                                                                                                                                      إلا تفعلوه تكن فتنة أي : شرك في الأرض وفساد كبير لأن الشرك إذا كان في الأرض فهو فساد كبير .

                                                                                                                                                                                                                                      والذين آمنوا من بعد يعني : من بعد فتح " مكة "  وبعد ما انقطعت الهجرة وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم .

                                                                                                                                                                                                                                      يحيى : عن حماد بن سلمة ، عن أبي الزبير ، عن طاوس أن صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو وعكرمة بن أبي جهل قدموا المدينة ؛ فقال لهم النبي : ما جاء بكم ؟ فقالوا : سمعنا أنه لا إيمان لمن لم يهاجر ، فقال : إن الهجرة قد انقطعت ، ولكن جهاد ونية حسنة .  ثم قال لصفوان بن أمية : أقسمت عليك أبا وهب لترجعن إلى أباطيح مكة " وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله قال محمد : أي : في فرض الله . ذكره بعض المفسرين .

                                                                                                                                                                                                                                      إن الله بكل شيء عليم .

                                                                                                                                                                                                                                      سعيد ، عن قتادة أن أبا بكر الصديق قال : إن هذه الآية التي ختم الله بها سورة الأنفال هي فيما جرت الرحم من العصبة " .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : (أولو الأرحام) واحدهم : (ذو) من غير لفظه .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 191 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية