ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم
قوله تعالى : ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله يعني : الثواب يوم القيامة خير لو كانوا يعلمون أي : لو كانوا علماء لآمنوا بعلمهم ذلك ، واتقوا ولا يوصف الكفار بأنهم علماء .
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا قال الكلبي : راعنا كلمة كانت العرب (تكني بها) ؛ يقول الرجل لصاحبه : راعني سمعك ؛ فلما سمعتهم اليهود يقولون هذا للنبي عليه السلام أعجبهم ذلك ، و (راعني) في [ ص: 167 ] كلام اليهود كلمة يسب [بها بعضهم بعضا] فقالوا : قوموا بنا نسب محمدا [فأعلنوا] له السب ، فكانوا يأتونه ، فيقولون : يا محمد راعنا . ويضحكون ، فعرفها رجل من الأنصار كان يعرف لغتهم ، فقال : يا أعداء الله ، عليكم لعنة الله ، والذي نفسي بيده لئن سمعت رجلا منكم بعد مجلسي هذا يعيدها لأضربن عنقه ، فقالوا : أولستم تقولونها للنبي ؟ ! فقال الله للذين آمنوا : لا تقولوا لمحمد : راعنا ولكن قولوا : انظرنا ؛ أي : انتظرنا نتفهم . فقال المؤمنون : الآن لئن سمعتم بالرجل من اليهود يقول لنبيكم : راعنا - فأوجعوه ضربا . فانتهت عنها اليهود بعد ذلك .
قال وذكر غير محمد : يحيى ؛ أن المسلمين كانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم : راعنا وأرعنا سمعك ، وأصل الكلمة من راعيت الرجل ؛ إذا تأملته ، وتعرفت أحواله [ومنه يقال : أرعني سمعك] . وكانت اليهود يقولونها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بلغتهم سب ، ويحرفونها إلى ما في قلوبهم من السب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والطعن عليه .
قوله تعالى : واسمعوا يعني : واستمعوا ما يأمركم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تكونوا كالكافرين الذين لا يقولون : انظرنا ، ولا يسمعون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم عذاب أليم أي : موجع .