ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا فأتبع سببا حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا ثم أتبع سببا حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا ثم أتبع سببا حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا
قال : ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا يعني : خبرا إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا قال : يعني : علمه [ ص: 79 ] الذي أعطي ؛ بلغنا أنه ملك مشارق الأرض ومغاربها قتادة فأتبع سببا قال : يعني منازل الأرض ومعالمها قتادة حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة وهي تقرأ : (حامية) قال : اختلف ابن أبي مليكة ابن عباس ؛ فقال وعمرو بن العاص : (حمئة) وقال ابن عباس : (حامية) ، فجعلا بينهما عمرو بن العاص كعبا الحبر ؛ فقال كعب : نجدها في التوراة : تغرب في ماء وطين ، كما قال . ابن عباس
يحيى : ومن قرأ : (حامية) بالمعنى : أي : ذات حمأة ؛ تقول : حمئت البئر فهي حمئة إذا صارت [فيها الحمأة فتكدرت وتغير رائحتها] ووجد عندها قوما قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب يعني : القتل وإما أن تتخذ فيهم حسنا يعني : العفو : في تفسير السدي ، قال : فحكموه فحكم بينهم قال أما من ظلم يعني : من أشرك فسوف نعذبه يعني : القتل ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا عظيما في الآخرة وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى تفسير : الحسنى هي : لا إله إلا الله ، والجزاء : الجنة . مجاهد
وقال السدي : فله جزاء الحسنى ؛ يعني : العفو .
قال : لم يبين محمد يحيى كيف كانت قراءة السدي والذي يدل عليه تفسيره [ ص: 80 ] أنه كان يقرؤها : (فله جزاء) بالنصب والتنوين ، وكذلك قرأها غير واحد ، المعنى : فله الحسنى جزاء على التقديم والتأخير ، و(جزاء) مصدر في موضع الحال ؛ فله الحسنى مجزيا بها جزاء . وسنقول له من أمرنا يسرا أي : معروفا .
ثم أتبع سببا يعني : طرق الأرض ومعالمها حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا قال : ذكر لنا أنهم كانوا في مكان لا يستقر عليهم البناء ، وأنهم يكونون في أسراب لهم حتى إذا زالت الشمس عنهم خرجوا في معايشهم وحروثهم ، قال قتادة كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا أي : هكذا كان ما قص من أمر ذي القرنين ثم أتبع سببا طرق الأرض ومعالمها حتى إذا بلغ بين السدين قال : هما جبلان قتادة وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا يعني : كلام غيرهم ، وهي تقرأ على وجه آخر : لا يكادون يفقهون قولا أي : لا يفقه أحد كلامهم .
[ ص: 81 ]