الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون  وهو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون  وهو الذي يحيي ويميت وله اختلاف الليل والنهار أفلا تعقلون  بل قالوا مثل ما قال الأولون  قالوا أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون  لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون  سيقولون لله قل أفلا تذكرون  قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم  سيقولون لله قل أفلا تتقون قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل فأنى تسحرون

                                                                                                                                                                                                                                      وهو الذي أنشأ لكم أي : خلق . قليلا ما تشكرون أقلكم من يشكر ، أي : يؤمن .

                                                                                                                                                                                                                                      أفلا تعقلون يقوله للمشركين ، يذكرهم نعمته عليهم يقول : فالذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة ، ويحيي ويميت ، وله اختلاف الليل والنهار قادر على أن يحيي الموتى بل قالوا مثل ما قال الأولون ثم أخبر بذلك القول ، فقال قالوا أإذا متنا وكنا ترابا إلى قوله : أساطير الأولين أي : كذب الأولين وباطلهم ؛ فأمر الله نبيه أن يقول لهم : قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون وقال : سيقولون لله أي : فإذا قالوا ذلك قل أفلا تذكرون فتؤمنوا ، وأنتم تقرون أن الأرض ومن فيها لله قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم سيقولون لله فإذا قالوا ذلك فـ قل أفلا تتقون وأنتم تقرون أن الله خالق هذه الأشياء وربها ، وقد كان مشركو العرب يقرون بهذا .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : قراءة يحيى (سيقولون الله) وهي قراءة أهل البصرة فيما ذكر أبو عبيد . قال : وعامة القراء يقرؤونها : (سيقولون لله) .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 209 ] قال : وكان الكسائي يحكي عن العرب أنه يقال للرجل : من رب هذه الدار ؟ فيقول : لفلان ، بمعنى : هي لفلان .

                                                                                                                                                                                                                                      قل من بيده ملكوت كل شيء أي : ملك كل شيء وهو يجير من يشاء ؛ فيمنعه فلا يوصل إليه ولا يجار عليه أي : من أراد أن يعذبه لم يستطع أحد منعه سيقولون لله .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : واختلف القراء أيضا في قوله : سيقولون لله وهي في التأويل مثل التي قبلها . فأنى تسحرون أي : فكيف تسحرون عقولكم ؟ فشبههم بقوم مسحورين .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : وقيل : المعنى : كيف تخدعون وتصرفون عن هذا ؟ !

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية