257 - حدثني ، قال: حدثنا سلم بن جنادة حفص ، قال: حدثنا ، قال مسعر أبو السائب: أحسبه عن ابن عون بن عبد الله بن عتبة ، قال: " دخلت مع أبي على ، فخرج وعليه ثوب قد كان دخل فيه، فجعل الناس [ ص: 148 ] يقولون: هذا كساك أمير المؤمنين؟ فجعل يمسحه ويقول: جزى الله أمير المؤمنين خيرا. قال: فقال لي أبي: يابني، اتق الله، وإياك والكذب وما يشبهه " عمر بن عبد العزيز
والصواب من القول في ذلك عندي قول من قال: إن هو ما كان من تعريض ينحى به نحو الصدق، غير أنه مما يحتمل المعنى الذي فيه الخديعة للعدو، إن كان ذلك في الحرب، أو مراد السامع إن كان في إصلاح بين الناس، أو مراد المرأة إن كان ذلك في استصلاحها، وذلك كالذي ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله في خديعة الحرب الكذب الذي أذن النبي صلى الله عليه وسلم فيه: في الحرب، وفي الإصلاح بين الناس، وعند المرأة تستصلح به لنعيم بن مسعود: "فلعلنا أمرناهم بذلك" ، وكقول مالك بن عبد الله الخثعمي: إنا داربون غدا درب كذا، ثم يصبح من الغد فيدرب غيره من الدروب وذاك أنه لما لم يقل: إنا داربون غد يومنا هذا، فإنه متى أدرب بعد يومه فقد أدرب غدا، لأن كل ما بعد يومه ذلك يسمى غدا.
وكذلك قول اللهم انصرنا على عمورية وهو يريد غيرها من الكذب بمعزل. معاوية بن هشام:
فما كان من تعريض على [ ص: 149 ] هذا الوجه، فإنه جائز لا بأس به في الحرب.
وأما الكذب في استصلاح الرجل المرأة، فمثل قول حين وجدت عليه امرأته بسبب جاريته: اشهدوا أنها لها ، وهو يشير إلى المروحة التي هي في يده، كقوله لها: هي حرة من غير أن يسمي الجارية باسمها، وهو يعني بذلك امرأته الحرة أو أخته أو غيرهما من نسائه، وما أشبه ذلك من الكلام الذي يظن السامع غير الذي نواه في نفسه، إذ كان كلاما يتوجه لوجوه، ويحتمل معاني. إبراهيم النخعي
وأما ما روي عن من قوله عمر لامرأة ابن عزرة: فلتكذب إحداكن ولتجمل، فإنه من هذا النوع الذي ذكرت أنه لا بأس به من المعاريض التي كان يرخص فيها.
فأما صريح الكذب، فذلك غير جائز لأحد في شيء ، كما لا يصلح الكذب في جد ولا هزل، عبد الله بن مسعود: للأخبار التي ذكرتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما مضى بتحريمه الكذب. قال