الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              معلومات الكتاب

              تهذيب الآثار للطبري

              الطبري - محمد بن جرير الطبري

              صفحة جزء
              القول في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب

              فمن ذلك قول عمر بن الخطاب رضوان الله عليه: لو أنا صمنا بقية شهرنا فإن الشهر قد تسعسع،  يعني بقوله: "قد تسعسع" قد أدبر ومضى أكثره، فلم يبق منه إلا القليل. وكذلك يقال لكل ما ولي وأدبر ودنا فناؤه: "قد تسعسع"، ومنه قيل: لليل إذا أدبر ولم يبق منه إلا اليسير: "قد سعسع، وتسعسع، وعسعس"، ومن قولهم "تسعسع" قول رؤبة بن العجاج:

              يا هند ما أسرع ما تسعسعا ولو رجا تبع الصبا تتبعا

              وذلك من لغة من قال: "سعسع الليل والإنسان"، إذا أدبر كبرا، ودنا انقضاء أيامه، وذلك عني رؤبة بقوله: "يا هند ما أسرع ما تسعسعا"، يقول: ما أسرع ما أدبر ودنا من الفناء. وأما من لغة من قال: "عسعس"، فقول علقة بن قرط:

              حتى إذا الصبح له تنفسا     وانجاب عنها ليلها وعسعسا

              .

              [ ص: 162 ] يعني بقوله: "عسعس" : أدبر، وبهذه اللغة نزل القرآن وذلك قوله: والليل إذا عسعس .

              وأما قول القاسم بن محمد: " رأيت أم المؤمنين تصوم في السفر حتى أذلقها أو قال: أذرقها السموم، فإنه يعني بقوله: "أذلقها" هزلها، وجهدها، من قولهم: "سهم مذلق"، إذا كان محددا، يقال منه: "ذلقت السهم، وأذلقته" إذا حددته، "وذلق السهم يذلق ذلقا"، إذا صار حديدا، ومن قولهم: "ذلق السهم"، قول رؤبة بن العجاج:

              حجرية كالجمر من سن الذلق     يكسين أرياشا من الطير العتق

              .

              [ ص: 163 ]

              التالي السابق


              الخدمات العلمية