فمن ذلك رضوان الله عليه: لو أنا صمنا بقية شهرنا فإن الشهر قد تسعسع، عمر بن الخطاب يعني بقوله: "قد تسعسع" قد أدبر ومضى أكثره، فلم يبق منه إلا القليل. وكذلك يقال لكل ما ولي وأدبر ودنا فناؤه: "قد تسعسع"، ومنه قيل: لليل إذا أدبر ولم يبق منه إلا اليسير: "قد سعسع، وتسعسع، وعسعس"، ومن قولهم "تسعسع" قول قول رؤبة بن العجاج:
يا هند ما أسرع ما تسعسعا ولو رجا تبع الصبا تتبعا
وذلك من لغة من قال: "سعسع الليل والإنسان"، إذا أدبر كبرا، ودنا انقضاء أيامه، وذلك عني رؤبة بقوله: "يا هند ما أسرع ما تسعسعا"، يقول: ما أسرع ما أدبر ودنا من الفناء. وأما من لغة من قال: "عسعس"، فقول علقة بن قرط:حتى إذا الصبح له تنفسا وانجاب عنها ليلها وعسعسا
[ ص: 162 ] يعني بقوله: "عسعس" : أدبر، وبهذه اللغة نزل القرآن وذلك قوله: والليل إذا عسعس .
وأما قول القاسم بن محمد: " رأيت أم المؤمنين تصوم في السفر حتى أذلقها أو قال: أذرقها السموم، فإنه يعني بقوله: "أذلقها" هزلها، وجهدها، من قولهم: "سهم مذلق"، إذا كان محددا، يقال منه: "ذلقت السهم، وأذلقته" إذا حددته، "وذلق السهم يذلق ذلقا"، إذا صار حديدا، ومن قولهم: "ذلق السهم"، قول رؤبة بن العجاج:
حجرية كالجمر من سن الذلق يكسين أرياشا من الطير العتق
[ ص: 163 ]